ومن فضائله -عليه السلام- في هذه الغزوة ما شهد به الخاص والعام، وذلك أن قوما من جنب وغيرهم(1) كانوا حلولا(2) في شق الطريق إلى مأرب، فأتى إليهم بعض رعاتهم فأخبرهم أنه وصل إلى موضع في الفضاء فرأى شقا في الأرض بعيد القعر فرمى فيه بحجر، فوقعت في ماء فسمع صليل الحجر في الماء، فاستبعد القوم ذلك، فقال لهم رجل من جنب: يا قوم انهضوا لندري ما يقول هذا صحيح أم لا، فنهض القوم إلى الموضع فوجدوا شقا في الأرض لم يحفر قبل ولا عرف فيه ماء، ولا أخبر به أحد فرأو فيه ماء يجري فبحروه(3) من حينهم ونحروا عليه ناقة وسموه[407] غيل المهدي، وكان خروج هذا الماء قبل وصول أمير المؤمنين -عليه السلام- الجوف بيومين أو نحو ذلك، وقد كان الناس مشفقين من شدة العطش وانقطاع المناهل وكثرة العساكر والبهائم، فشرب العسكر جميعه من ذلك الماء وجميع البهائم، وسار الإمام بنفسه إليه ودعا فيه بالبركة.
ونهض -عليه السلام- حتى حط ما بين الدربين(4) ووجدت العسكر من أثاث الناس وخباياهم شيئا كثيرا، وقد كان وصل رسول أهل مأرب قبل ذلك يخاطبون بمائتي ألف، ولم يكن عندهم أنه يصل الإمام -عليه السلام- إلى مأرب.
فلما وصل أمير المؤمنين -عليه السلام- [ذلك](5)، وصل إليه قبائل المشرق من خولان وبيحان وبدر بن محمد صاحب بيحان واجتمع في مأرب من الخلائق مالم يضبط، ومن الخيل زهاء ألف فارس وأربعمائة فارس أكثرها لابسة فتضرع أهل مأرب إلى أمير المؤمنين واستعطفوه فعفى عنهم.
Shafi 314