Dawla Musulmi A Baya Ta Dur
الدولة المسلمة للخلف در
Nau'ikan
هذا ناهيك عن كون الأمير نفسه أحد أعضاء جماعة الشورى، وله أن يأخذ في هذه الحال برأي نفسه وحده ويرفض رأي العشرة جميعا؛ فالشورى منطقا وتاريخا غير ملزمة، ومن يقول بإلزامها مثل قرضاوي الجزيرة، فإنه يقولها وهو خفيض الصوت متردد وعلى استحياء؛ لأنه يعلم أنه مزور يلبس الاستبداد ثوب الديمقراطية بتقية من طرف اللسان. ثم إن سن قوانين جديدة أو تعديل تشريعات وقوانين قديمة، كان في زمن صاحب الدعوة الإسلامية يتم عن طريق الناسخ والمنسوخ بفعل رباني دون شورى من أحد. أما الديمقراطية اليوم فتقوم عبر مجلسها التشريعي بوظيفة الناسخ والمنسوخ؛ فهي التي تعدل التشريع وتصدر الجديد وتلغي القديم؛ لذلك فإن الشورى المقصودة عند مشايخنا لم يكن لها أي علاقة بسن قوانين إسلامية؛ فالشريعة الإسلامية هي من عند الله، وليس في إمكاننا إعادة النظر في أي تشريع إسلامي؛ لأن ذلك سيكون اعتداء على حدود الله حسب نظريتهم القانونية. إذن فإن الشورى لا هي في العير ولا هي في النفير، ولم يرد عن القرآن أو السلف الصالح ما يفيد بإمكان تدخل الشورى في التشريع بإلغاء قوانين إسلامية قديمة أو تعديلها. مضافا فوق كل هذا أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم مطردة التطور مع تعديل دائب لما يرتبط بها من مفاهيم حقوقية وتغير للأرقى دوما فيما يتعلق بمفاهيم العدل والحرية والمساواة ... إلخ، بينما الدين ثابت، وليست الديمقراطية الغربية هي نهاية التاريخ كما يقول فوكوياما؛ فالعلم لا يأخذ ما طرحه فوكوياما إلا على سبيل الفانتازيا؛ لأن التطور العلمي يفرض قيمه الجديدة باستمرار؛ ومن ثم قوانينه الجديدة التي تصون القيم الجديدة، فإذا قلنا إن ديمقراطية اليوم هي الشورى القرآنية، فماذا ستكون شورانا غدا؟ وماذا عن قرآننا هنا؟ ثم علينا مقارنة تفسير الطبري لشورى النبي صحابته بأنه كان يشاورهم تطييبا لقلوبهم مع عدم إلزامية هذه الشورى والمضي فيما أمر به وإن خالف مشورة الصحابة؛ علينا مقارنة هذا بما يفعله قادة المسلمين من مشايخ مجددين، فهم يفعلون ذات الفعل تأكيدا لاتباعهم السنة النبوية، يسمعون لنا ويسمعون لغيرنا، لكن ما نقوله أو يقوله غيرنا هو عندهم تطييبا لنفوسنا وامتصاصا لغضبنا؛ لسلبنا حرياتنا وكرامتنا، وبعد السماع تطلق الوعود غير الملزمة. ذات السياسة سياسة الحكومة المباركة؛ تسمح للشعب بقول ما يريد ويفعل السادة ما يريدون. إنها بالضبط نظام الشورى ... هذه هي السنة النبوية، لكنها وإن كانت صوابا إيمانيا في زمنها بالتسليم لنبوة النبي، فإنها اليوم تصبح استبدادا يقوم على مجلس الشورى ... هكذا يقول الشرع. أما الديمقراطية فهي تتطلب الحرية والمساواة، وفي بلادنا يعرف الحكام والفقهاء الحكماء أن من يعلم طيور حظيرته الطيران ... بات بلا عشاء. •••
منذ انكفاءة مساحة الانفتاح العربي الإسلامي مع الإمام أبي حامد الغزالي، تجاوز الله عن سيئاته، وتحريمه علم الكلام على العوام عن طريق اللجام (إلجام العوام عن علم الكلام؛ كتابه الأشهر) تحرم المعاهد الدينية والحكومات الإسلامية تدريس الفلسفة الغربية في بلادها، بقدر ما تدرس وتعلم فلسفة العرب الغزاة حية في مدارسنا إلى أن يظهر لها وريث مناسب يوظفها لنفسه، ومنها حكاية الشورى.
إنهم يستبدلون الديمقراطية بالشورى، وهي ليست فقط غير ملزمة بالمرة، ولكن باختلاف تام في المعنى المؤدي في النهاية للغرض والهدف؛ لأن الشورى في الحالات الثلاث المشهورة كانت إزاء حالات طارئة وعسكرية وتحتاج إلى أهل الحرب والخبرة؛ لذلك كانت الإشارة للشورى كما سلف دوما محددة بأمر «حزبهم»؛ أي بالمسلمين؛ أي نازلة شديدة نزلت بهم. والحكايات الثلاث لا تعني أن تلك هي الديمقراطية؛ لأن ما في الحكايات المذكورة هو طلب النصيحة من الخبراء في الشأن. هنا نستمع مرة أخرى للدكتور معروف يشرح: «إن مفهوم المستشار هو الإنسان المتخصص الذي يستعان برأيه في مسألة من المسائل في الشئون العسكرية أو الفنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو نحوها، في كل منحى من مناحي الحياة. ففي جميع الدول اليوم مستشارون، سواء على شكل هيئات أو أفراد أو مؤسسات يستعين بهم صاحب القرار عند اتخاذ قراره. ولا شك في أن آراءهم غير ملزمة له؛ لأن صاحب القرار يطلع على مجمل الآراء ويتخذ قراره؛ فهذه هي الشورى ... وأرى أن أهل الشورى هم أهل الذكر:
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (الأنبياء: 7).» ا.ه.
وبغض النظر عن رأيه فيمن هم أهل الذكر فإن المعنى في الاستشارة هو أخذ النصيحة من متخصص؛ كما أخذها النبي في موقعة بدر من «الحباب بن المنذر» كمحارب محنك. وهو أمر دائم الحدوث في حياتنا منذ وجود الإنسان على الأرض؛ فالتشاور يتم داخل الأسرة في شكل تناصح، وفي مجموعات العمل في الحقول والورش والمصانع والحروب والتجارة والبيع والشراء ... حتى في مجموعات الصيد في بدائية البشرية؛ فالناس تبحث عن النصيحة وتحصل عليها من الخبراء. حتى وقت المرض عندما يبحث الناس عن علاج يخفف الآمهم، فتأتيهم النصيحة في صورة وصفات أو أدعية! ويؤكد المعنى البسيط الفطري للشورى بكونها النصيحة حديث منسوب للنبي
صلى الله عليه وسلم : «لا خاب من استخار ولا ندم من استشار.» فالاستخارة والشورى اختيار بين بدائل تحتاج نصحا وإرشادا. ويقول الشيخ يوسف قرضاوي: «إن المسلم يستعين بأمرين يساعدانه على اتخاذ القرار: أحد هذين الأمرين رباني وهو استخارة الله تعالى، وهي صلاة ركعتين يعقبهما دعاء مضمونه أن يختار الله له خير الأمرين في دينه ودنياه، والثاني إنساني وهو استشارة من يثق برأيه وخبرته ونصحه وإخلاصه ... وقد حفظ المسلمون من تراثهم: «لا خاب من استخار ولا ندم من استشار.» وقد كان الصحابة (رضي الله عنهم) يستشيرون النبي، فيشير عليهم بما يراه صوابا. واستشارته فاطمة بنت قيس في أمر زواجها، وقد أبدى الرغبة فيها رجلان: معاوية وأبو جهم، فقال لها: «أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه»؛ أي يضرب النساء، واقترح عليها أن تتزوج أسامة بن زيد. وكان الرسول
صلى الله عليه وسلم
يستشير بعض أصحابه ... وفي أزمة حديث الإفك يستشير علي بن أبي طالب ويسأل أسامة بن زيد» (ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده، مكتبة وهبة، القاهرة، 2001م، ص123).
ثم يضيف في كتاب آخر محاولا تبرير نظام الشورى، بدون آليات توضح كيفية التطبيق ومؤسسات تحميه وتحافظ عليه من سوء التفسير أو الاستخدام، قوله: «أما عدم وضع الصيغ التفصيلية فذلك لحكمة ذكرها حكماء الإسلام ... يقول العلامة رشيد رضا ... في تفسير المنار، آية (آل عمران: 159) جملة أسباب منها؛ أن هذا الأمر يختلف باختلاف أحوال الأمة الاجتماعية في الزمان والمكان، وكانت تلك المدة القليلة التي عاشها
صلى الله عليه وسلم
Shafi da ba'a sani ba