Daula Uthmaniyya Kafin Tsarin Mulki Da Bayansa
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
Nau'ikan
ليس بين دول الأرض دولة تزعم الصلاح والنزاهة بكل مأموريها، وليس منهن من لا يكتشف - يوما بعد يوم - على جنف حاكم بحكمه، أو عبث أمين بأمانته، أو سرقة عامل في عمالته، أو زيغ وزير في وزارته. فالإنسان لا يزال في بون شاسع عن حدود الكمال. ولكنه ليس من دول الحضارة أيضا من لا يصغي إلى نداء الوجدان وصوت الخلق فيغضي عن تعقب الجاني وأخذ البريء بجريرة المجرم إلا ما ساق إليه خطأ القضاء والعصمة لله.
أما حكومتنا الغابرة، فلم يكن هذا شأنها بل كان الداء منبعثا من حيث يجب أن يكون الدواء، ولا هم للقابضين على زمام الأحكام إلا سد مطمع وادخار ثروة ليوم عصيب كيوم الدستور الذي ابتلوا به، وسواء عليهم أعمر الملك أم اندثر، فكلهم قائل قول لويس الخامس عشر: وبعدي الطوفان.
وما قولك بمصير حكم هؤلاء هم حملة لوائه إذا ذل أحدهم تذرع بالغدر والنميمة لنيل مآربه، وإذا ظفر واستقر على عرش جبروته نظر إلى الناس نظر الرتيلاء إلى الذباب.
فكان شأنهم مع هذه الملة شأن عصابة قرصان يطوفون البحر بسفينتهم، فلا هم بمأمن من فتك مدافع وبطش رقيب، ولا الضاربون بعرض ذلك البحر بمأمن من غدرهم.
فبعد ذلك من لا يلتمس عذرا لسائر مأموري الدولة في تراخيهم ويميل إلى الإغضاء عن بعض عيوبهم؟
إن نصوص القوانين صريحة بتنصيب «ذوي اللياقة» وعدم مؤاخذتهم إلا على ما جنته أيديهم وباستبقائهم آمنين في مناصبهم، لا يعزلون عنها إلا إلى أرقى منها. وهي صريحة أيضا بما خص ترقية المأمورين الملكيين والعسكريين.
ومع هذا فمن كان من هؤلاء المأمورين يأمن على بقائه في منصبه عاما واحدا، بل من كان على يقين إذا عين واليا لولاية أن يبقى في منصبه حتى يتربع في دست حكمه؟ وما أكثر أمثال هذا التذبذب في تعيين المأمورين.
عين رائف باشا واليا لبيروت سنة 1885، ووصلها أهله على أن يقدم إليها في باخرة الأسبوع التالي، فلما أرست الباخرة المنتظرة خرج معارفه لاستقباله مع رجال الحكومة، فإذا به انقلب إلى رءوف باشا متصرف القدس وانقلب أهل رائف باشا عائدين إلى الأستانة.
عين إسماعيل كمال بك واليا لطرابلس الغرب سنة 1895 وصدرت الإرادة السنية بإعداد باخرة خاصة لنقله إليها مع حاشية من المأمورين، وكنا من جملة المودعين فما كاد ينزل إلى الباخرة مع عياله وحاشيته حتى أمرت الباخرة بالبقاء فبقيت في ثغر الأستانة ثلاثة أيام ثم أرسل إلى طرابلس وال آخر.
ورد البصرة سنة 1882 خبر تعيين طليع باشا واليا عليها، فحمل له البرق رسائل التهانئ، فأرجع على بعضها أجوبة الشكر ورجعت على البعض الآخر أجوبة الإقالة.
Shafi da ba'a sani ba