Daula Uthmaniyya Kafin Tsarin Mulki Da Bayansa
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
Nau'ikan
ولا شك أن مظاهر التواد والإخاء التي عمت البلاد ستكون أعظم ذكرى وأمتن أساس لهذا البناء الجديد. وأن إعلان الدستور وتعميم المساواة يضمنان رسوخه.
ولكنه لو أتيح لنا أن نضيف رأيا إلى تلك الآراء النيرة لقلنا: إن أعظم الوسائل لضمان اضمحلال التعصب الديني؛ تجنيد المسيحيين مع المسلمين، وأعظم وسيلة لاضمحلال التعصب الجنسي تعميم اللغة الرسمية وجعل تعليم اللغة التركية إجباريا، فإن هاتين الوسيلتين مع تعميم أسباب العلم والتهذيب يضمنان توثيق عرى التواد والإخاء.
الدستور ورجال الدين
إن كلمة قالها شيخ الإسلام لجلالة السلطان يوم إعلان الدستور لجديرة بأن تنقش على صدر كل شيخ وقسيس، بل على صدر كل مسلم ومسيحي، بل على صدر كل عثماني وكل إنسان.
كلمة ارتفعت كقبس نور تصاعد، ثم تكور فوقع تيجانا على هام دعاة الإصلاح وطلاب الحرية.
كلمة نطق بها جمال الدين فكانت جمالا للدين والدنيا.
تلك الكلمة هي قوله - إذ استفتي بضرب الأحرار - فقال: «بل أجبهم إلى رغائبهم، امنح الدستور، فإنه مطابق للشرع الشريف.»
كانت الأزمة في أشدها، والحزازات في غلوائها، والنفوس ثائرة، والدماء فائرة، والجيش جيشين معدين للتلاحم والتفاني، وشيطان الفتنة بالمرصاد لتدمير البلاد. فمن يعلم لولا تلك الكلمة، أو لو تخللها حرف نفي، ما كان مبلغ الشر والعيث ومسيل الدماء؟ بل ما كان مصير هذه البلاد والأعناق مشرأبة إليها من كل صوب يتحين كل جائع فرصة لالتهام لقمة سائغة منها.
تلك كلمة ما كان أشبهها بذرة رمل بسكال التي انقلب لها - كما قال - مجرى سياسة العالم، فما أحرانا أن نتخذها شعارا نتفاخر به، وميسما ندمغ به جباه جهلة المتعصبين من رجال الدنيا والدين.
وما كان أشد سرور دعاة الإصلاح إذ علم العالم أجمع أنهم لا يعيثون في الأرض فسادا، بل يأتون رشادا وسدادا، وينقذون أمة عظيمة من ظلمات الأسر وينتشلونها من لجج الضنك والقهر.
Shafi da ba'a sani ba