وفي ابتدءا براءة عند ابن حجر. وقال الرملي بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول، وتدب عند الثاني، ولا أعلم نصًا لأصحابنا، والظاهر موافقة الرملي فإن
ــ
الله عن الاقتران بخساس الأمور، ولأن الاستعانة أو التبرك به فيها مناف لواجب تعظيمه. (قوله: وفي ابتداء براءة)؛ أي: وتحرم في ابتداء براءة لفظًا وخطًا؛ لأنها نزلت بالقتال والانتقام وذلك ينافي الرحمة، وفي كبير الخرشي أنه يقال: بسم الله والله أكبر، وفي العتبية من سماع أشهب: جواز كتبها في اللوح لمجرد التبرك، ولا يلزم منه قراءتها (قوله: عند ابن حجر)؛ أي: الهيثمي.
ــ
ومخالفته أمكنا فيها. (قوله: وفي ابتداء براءة) لبلاغة القرآن، وذكر الرحمة لا يطابق مقتضى حال سبب النزول قال الشاطبي:
ومهما تصلها أو بدأت براءةً ... لتنزيلها بالسيف لست مبسملا
ولا نعرف الاقتصار على صدرها في الأداء أعني بسم الله فقط، والقراءة سنة متبعة حتى أنها في مصحف أبي سورة واحدة مع الأنفال، نعم التكبير في السور وارد، وفي (تفسير الخطيب) قال بعض أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه: لعل الله تعالى لما علم أن بعض الناس ينازع في كون البسملة من القرآن أمر ألا تكتب في سورة براءة ليعلم أنها منه؛ لأنها لما لم تكن آية من هذه السورة وجب أن تكون آية في غيرها. هذا ما نقله، وأنا أعجب من هذا القول ومن السكوت عليه بعد نقله؛ فإنه لا وجه للملازمة في الشرطية التي ادعى وجوب تاليها إذ تركها في أول سورة لمقتضٍ صادق كانت آيةً أو فاتحةً تبرك لا علاقة له بأحدهما على الخصوص، فإن أراد أن النفي لما كان دليل النفي كان الثبوت علامة الثبوت ودليله، ففيه أنه لا يلزم من انتفاء العلامة، والدليل انتفاء المعلم والمدلول، بل قد يثبت لعلامة ودليل آخر كسقوطها في الوصل بين السورتين، فلو قال المقابل: لما علم الله أن بعض الناس يخفى عليه كون البسملة فاتحة تبرك للفصل، ويظن أنها من الآيات الأصلية أذن في القراءة بتركها عند الوصل بين السورتين؛ تنبيهًا على أنها فاتحة تبرك فقط كان أظهر مما نقله الخطيب، ومعلوم أن كثيرًا من السبعة يتركها في الوصل بين
1 / 18