الثاني: تفسير الرحمة بالإنعام أو إرادته مجازًا لغوي على الأظهر المشهور وإن صار حقيقة عرفية شرعية. ولا عبرة بما نقله (ح) في التشنيع على الزمخشري في ذلك وأنه من الاعتزال.
الثالث: المبالغة في أسماء الله تعالى حقيقة وهي لغوية نحوية
ــ
(قوله: بالإنعام أو إرادته)؛ أي: على أنها صفة فعل أو صفة ذات؛ لاستحالة معناها الحقيقي، وهو رقة في القلب تقتضي التفضل، ولإحسان في حقه تعالى؛ لأنه من الأعراض النفسية. وقد قال الرازي: كل وصف ستحال على الله باعتبار مبدئه أطلق عليه باعتبار غايته.
(قوله: مجاز لغوي)؛ أي: مرسل من إطلاق السبب على مسببه القريب أو البعيد، فإن الإنعام أو إرادته يتسبب عن الرحمة بحسب الشأن، أو استعارة بأن شبه الإنعام، أو إرادته بالرقة بجامع حصول النفع مع كل (قوله: على الأظهر)؛ أي: خلافًا لمن قال: إنه حقيقة.
(قوله: وإن صار حقيقة عرفية إلخ) بناء على إثبات الحقائق الشرعية. وقد خالف فيه بعض الأصوليين (قوله: ولا عبرة إلخ) لأن الزمخشري لم ينفرد بذلك، بل قاله غيره من أئمة أهل السنة، وأنهم إنما أولوها بذلك لدليل، وهو استحالة المعنى الحقيقي عليه تعالى فلا وجه لربطه بالاعتزال. (قوله: وإنه من الاعتزال)؛ أي: في إنكار الصفات الذاتية، وردها إلى صفات الأفعال. (قوله: المبالغة في أسماء الله تعالى إلخ)؛ أي: كما في رحمن رحيم، فإنهما يفيدان المبالغة بلفظهما، وإن لم يكونا من صيغ المبالغة. (قوله: وهي لغوية نحوية)؛ أي: لا بيانية، وهي أن يدعى لشيء وصف مستحيل، أو مستبعدٌ للدلالة على كمال النهاية فيه، كما في قول امرئ القيس:
ــ
البال، وعلى الأخير من يتخذها وردًا (قوله: وأنه من الاعتزال) كأن شبهة التشنيع مثارها أنا إذا فسرنا الرحمة بالإرادة كانت صفة ذاتية حقيقية وجودية، ومذهب الاعتزال إنكارها وردها إلى النسب والإضافات، وهي ليست صفات حقيقية زائدة
1 / 24