Darsat fi alsirah
دراسة في السيرة
Mai Buga Littafi
دار النفائس
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٤٢٥ هـ
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
لكن اليهود تناسوا، بعد قليل، هذه المواقف السمحة، العادلة إزاءهم، وسعوا إلى الثأر لأنفسهم كلما سنحت الفرصة لهم بذلك. كانت أولى المحاولات ما تم على يد زينب ابنة الحارث، زوجة سلام بن مشكم، إذ أهدت للرسول شاة مشوية نثرت فيها السم، فلما مضغ من ذراعها مضغة لم يسغها ولفظها قائلا: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم. وكان بشر بن البراء قد أكل هو الآخر فمات بعد قليل، وجيء بالجانية فاعترفت وقالت للرسول ﷺ: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر، فتجاوز عنها الرسول «١» وقيل إنه قتلها «٢» . ويذكر الواقدي «٣» وعدد آخر من المؤرخين أن وفاة الرسول ﷺ التي جاءت بعد ثلاث سنوات كانت بسبب السم الذي دسّ له يوم خيبر «٤»، وهو احتمال ضعيف بعد مرور هذه المدة الطويلة.
بعد فترة قصيرة قام يهود خيبر باغتيال عبد الله بن سهل الأنصاري، إلا أن الرسول ﷺ وأبا بكر ﵁، من بعده، أبقياهم على ما كان الرسول ﷺ قد اشترط عليهم، سيما وأنهما- كما يقول ابن سعد- لم يكن لهما من العمال ما يكفون عمل الأرض «٥» . وعندما تولى عمر ﵁ الخلافة وبلغته أنباء اغتيال المسلم من قبل يهود خيبر واعتدائهم على عبد الله بن عمر، وكثر عمال المسلمين وتقووا على استثمار الأرض، وتنفيذا لحديث الرسول ﷺ يوم وفاته:
ألا يجتمع في جزيرة العرب دينان، أصدر إنذاره إلى يهود خيبر «إن من كان عنده عهد رسول الله ﷺ فليأتني به أنفذه له، ومن لم يكن عنده عهد فليتجهز للجلاء، ومن ثم قام بإجلاء عدد من يهود خيبر وقسم أموالهم على المسلمين «٦» .
(١) ابن هشام، ص ٢٦٤- ٢٦٥، الطبري: تاريخ ٣/ ١٥- ١٦، الواقدي ٢/ ٦٧٧- ٦٧٩.
(٢) ابن سعد ٢/ ١/ ٧٨.
(٣) المغازي، ٢/ ٦٧٨- ٦٧٩.
(٤) انظر المسعودي: الإشراف والتنبيه ص ٢٢٣- ٢٢٤.
(٥) الطبقات الكبرى: ٢/ ١/ ٨٢- ٨٣.
(٦) الواقدي ٢/ ٧١٣- ٧٢١، ابن سعد ٢/ ١/ ٨٣، الطبري: تاريخ ٣/ ٢٠- ٢١، البلاذري: فتوح ١/ ٢٥، ٢٧، ٢٨، ٣١، ٤٠. ويذكر ولفنسون (تاريخ اليهود ص ١٨٣) أن عمر ﵁ لم يتعرض ليهود وادي القرى وتيماء بسوء وأنه يؤخذ من هذا أن أهاليها كان لهم عقد خاص لم يسمح للخليفة بإخراجهم من بلادهم. كما يذكر أنه بقيت الأغلبية لليهود في وادي القرى إلى القرن الحادي عشر، وكذلك وجدت طوائف منهم في جهات تيماء في الثاني عشر ... أما في بلاد اليمن فقد بقي اليهود طوال العصور القديمة ولم يزل لهم وجود في جهات مختلفة من أطراف الجزيرة إلى أيامنا هذه (المصدر السابق ص ١٨٦) وعن
1 / 296