229

Darsat fi alsirah

دراسة في السيرة

Mai Buga Littafi

دار النفائس

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤٢٥ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

الكتاب في مكة بناء على ما وجدوه فيه من صفات مطابقة لما كان بين أيديهم من أسفار، ومن المحال أن يكون ذلك جزافا. وهنالك إنجيل متداول ومنسوب إلى حواري اسمه برنابا فيه نصوص متفقة مع نصوص القرآن عن عيسى وحياته وشخصيته ورسالة النبي محمد ﷺ وصفاته «١» . وصدق الله العظيم الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «٢» ، وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ «٣» . ورغم هذه البينات كلها فإن الغالبية العظمى من حملة الإنجيل (شكّوا) .. ليس هذا فحسب بل تحول شكهم إلى استنكار وسخرية ومعارضة ومقاومة ومجابهة، ثم إلى قتال مسلح حينا وتامر خفيّ أحيانا.. وكانت تلتمع بين الحين والحين أضواء تنير الطريق لرجالات النصرانية: رهبانا وقادة وحكاما إلى قلب الإسلام الرحيب المنفتح على كل دين جاء من عند الله، وقرآنه المصدق لما بين يديه من الكتاب، ونبيّه الممجّد لإخوانه الأنبياء الذين سبقوه كدحا على الدرب الطويل المنبثق عن المصدر الواحد والذاهب إلى المصير الواحد. [٢] ويحدثنا (درمنغم) كيف أن مكة كانت تضم عددا كبيرا من نصارى من مختلف الأصول حيث كانت لهم مقبرة فيها.. وكان أناس من نصارى الحبشة قد جاؤوا إلى مكة ليحيوا النبي الجديد الذي أعرب عن عطفه على دينهم فدمغ باطل المشركين بالحجج البالغة التي يقره عليها أهل الكتاب.. وكان يصادف في عكاظ وفي الأسواق الآخرى أناسا من عرب نجران والحيرة.. وكان- كما أشار القرآن- يرى في الأسواق التي يقصدها نصارى آخرين من بلاد أخرى ولا سيما من الشام

(١) دروزة: عصر الرسول ﷺ: هامش (١) جزء ١ ص ١١١. وعن نبوآت الأناجيل بالرسول وتحليلها انظر بالتفصيل: إبراهيم خليل أحمد: محمد بين التوراة والإنجيل والقرآن ص ٤٣- ٤٨، ومحمد رواس قلعجي: محمد في الكتب المقدسة: مجلة حضارة الإسلام عدد ١- ٢ سنة ٨، وجواد على: تاريخ العرب في الإسلام ص ٨٣- ٨٦ وانظر كذلك: علي عبد الجليل راضي: المسيح قادم، ومحمد فتحي عثمان: المسيح في الأناجيل الأربعة. (٢) سورة البقرة: الآية ١٤٦. (٣) سورة الصف: الآية ٦.

1 / 230