163

Darsat fi alsirah

دراسة في السيرة

Mai Buga Littafi

دار النفائس

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤٢٥ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

جرحه بعصابة كانت قد أعدتها لمداواة الجرحى ثم قالت له انهض يا بني فضارب القوم، والرسول ﷺ يناديها: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ ويلتفت إلى أصحابه قائلا: ما التفت يمينا وشمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني، فسألته نسيبة: ادع الله أن نرافقك في الجنة قال: اللهم اجعلهم رفاقي في الجنة. فقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا «١» . وخرجت السميراء بنت قيس، وقد أصيب ابناها، فلما نعيا لها قالت: ما فعل الرسول ﷺ؟ قالوا: خيرا، وهو بحمد الله على ما تحبين. قالت: أرونيه أنظر إليه، فأشاروا لها إليه فقالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل «٢» . ولقيت أم أيمن جماعة من المنهزمين، فجعلت تنثر التراب في وجوههم وتقول: هاك المغزل فاغزل به «٣» . تمكن الرسول ﷺ وأصحابه من الصمود لهجمات المشركين وعرف المسلمون الذين تشتتوا في ميدان المعركة، في أعقاب التفاف خالد، وانتشار شائعة وفاة الرسول ﷺ، عرفوا أن رسولهم لم يمت فتجمعوا حوله، وطلب ﷺ منهم أن يتراجعوا صوب جبل أحد وأن يحصبوا المشركين بالحجارة، وأن لا يسمحوا لهم بأن يلتفوا عليهم من فوقهم. وسعت فرقة من القرشيين إلى الالتفاف حول المسلمين كرة أخرى والانقضاض عليهم من جبل أحد فتصدى لهم عمر بن الخطاب ﵁ وجماعة من المهاجرين حتى أجلوهم عن الجبل، ونهض ﷺ إلى صخرة أحد ليعلوها فلم يستطع لشدة إعيائه وثقل دروعه فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض حتى استوى عليها. وأدرك المشركون أن دون إبادة المسلمين وتفتيتهم المستحيل وكانوا قد أصابهم التعب والجراح فاثروا الانسحاب مكتفين بهذا القدر من النصر على المسلمين وهو قدر كما اعتقدوا ليس بالقليل، وأشرف أبو سفيان على مرتفع عال ونادى بأعل صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر أعل هبل! فقال الرسول ﷺ لعمر: قم فأجبه وقل: الله أعلى وأجلّ، لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فطلب أبو سفيان من عمر أن يقترب وقال له: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟ قال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك

(١) الواقدي ١/ ٢٦٨- ٢٧٣. (٢) الواقدي ١/ ٢٩٢. (٣) البلاذري: أنساب ١/ ٣٢٦.

1 / 163