158

Darsat fi alsirah

دراسة في السيرة

Mai Buga Littafi

دار النفائس

Lambar Fassara

الثانية

Shekarar Bugawa

١٤٢٥ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

ومما لا ريب فيه أن مواقف كبار الصحابة هؤلاء تبين لنا أن الإلحاح على الخروج للقتال بعيدا عن المدينة، لم يجىء من الشباب والذين لم يشهدوا بدرا فحسب، بل أسهم معهم في ذلك عدد من كبار المسلمين، الأمر الذي يفسر لنا استجابة الرسول ﷺ لوجهة النظر هذه، وعدم تردده في قبولها اعتمادا على ثقته الكبيرة بهذا العدد الكبير من أتباعه الراغبين في الخروج. وخوفا من أن يطول النقاش، وتتعرض وحدة الصف المسلم للخطر، وتلبية لنداء الشباب المتحمسين للقتال والشهادة، أسوة بإخوانهم في بدر أسرع الرسول ﷺ فدخل بيته ولبس درعه وحمل سلاحه، وما أن رآه المسلمون الذين ألحوا بالخروج حتى ندموا وقالوا: استكرهنا الرسول ﷺ ولم يكن لنا ذلك، وعرضوا عليه أن يعود إلى رأيه الأول، إلا أنه أجابهم «ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل، فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه، فلكم النصر ما صبرتم»، ومن ثم غادر المدينة على رأس ألف مقاتل، بعد أن وضع نساءها وصبيانها في الحصون والآطام حتى إذا قطعوا شوطا من الطريق إلى أحد انسحب ابن أبيّ بثلث الناس وقال مبررا ذلك: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ فتبعهم عبد الله بن عمرو ابن حزام يحثهم على الرجوع لإخوانهم، فلم يستجيبوا، وكان الأنصار قد عرضوا على الرسول ﷺ أن يستعين باليهود فرفض «١» . عسكر الرسول ﷺ بأصحابه السبعمائة قريبا من أحد جاعلا ظهورهم إليه وسوّى صفوف المسلمين، وطلب منهم ألايقاتلوا حتى يأمرهم بذلك، واختار خمسين رجلا وضعهم على الجبل وأمّر عليهم عبد الله بن جبير وقال له: انضح الخيل عنا بالنبال لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت لا نؤتين من قبلك، ولبس ﷺ درعين زيادة في الحيطة ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير. أما قريش فعبأت رجالها بمواجهة المسلمين وقسمت فرسانها الذين بلغوا مئتي رجل إلى قسمين، أحدهما في الميمنة بقيادة خالد بن الوليد والآخر في الميسرة بقيادة

(١) ابن هشام ص ١٧٣- ١٧٦ الطبري ٢/ ٤٩٩- ٥٠٤ ابن سعد ٢/ ١/ ٢٦- ٢٧ الواقدي ١/ ٢٠٠- ٢١٩ المسعودي: التنبيه ص ٢١١ اليعقوبي: تاريخ ٢/ ٣٨- ٣٩ البلاذري: أنساب ١/ ٣١٢- ٣١٥.

1 / 158