Darsat Fi Al-Baqiyat Al-Salihat
دراسات في الباقيات الصالحات
Mai Buga Littafi
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Lambar Fassara
السنة ٣٣-العدد ١١٣
Shekarar Bugawa
١٤٢١هـ/٢٠٠٠م
Nau'ikan
وممّا ورد في فضل الحمد وعِظم ثوابه عند الله ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعريِّ ﵁ قال: "قال رسول الله ﷺ: "الطَهور شطرُ الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصَّبرُ ضِياءٌ، والقرآن حجّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو فبائعٌ نفسَه فمعتقُها أو موبقُها" ١.
فأخبر ﷺ في هذا الحديث عن عظيم فضل الحمد وعظيم ثوابه، وأنَّه يملأ الميزان، وقد قيل: إنَّ المراد بِملئه الميزان أي: لو كان الحمد جسمًا لملأ الميزان، وليس بسديد، بل إنَّ الله ﷿ يمثّل أعمال بني آدم وأقوالهم صُوَرًا يوم القيامة وتوزن حقيقةً، ومن ذلك قوله ﷺ كما في الصحيحين: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" ٢.
فالحمد شأنُه عظيمٌ، وثوابُه جزيلٌ، ويترتّب عليه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله، وأهله هم الحَرِيُّون يوم القيامة بأعلى المقامات وأرفع الرُّتب وأعلى المنازل، فإنّ الله ﷿ يحبُّ المحامدَ، ويحبُّ من عبده أن يُثنيَ عليه، ويرضى عن عبده أن يأكلَ الأكْلةَ فيحمده عليها، ويشربَ الشربَةَ فيحمده عليها، وهو ﵎ المانُّ عليهم بالنعمة والمتفضِّل عليهم بالحمد، فهو يبذل نعمه لعباده، ويطلبُ منهم الثناءَ بها وذكرها والحمد عليها، ويرضى منهم بذلك شكرًا عليها، وإن كان ذلك كلُّه من فضله عليهم، وهو غير محتاج إلى شكرهم، لكنه يحبُّ ذلك من عباده حيث كان صلاحُ العبد وفلاحُه وكمالُه فيه، فلله الحمد على نعمائه، وله الشكر على وافر فضله وجزيل عطائه حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
١ صحيح مسلم (رقم:٢٢٣) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٦٠٤٩)، وصحيح مسلم (رقم:٢٦٩٤) .
1 / 69