58

Darsat Fi Al-Baqiyat Al-Salihat

دراسات في الباقيات الصالحات

Mai Buga Littafi

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Lambar Fassara

السنة ٣٣-العدد ١١٣

Shekarar Bugawa

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Nau'ikan

ابن جُبير ﵀ -١.
وجاء في أثر يُروى عن كعب قال: "نجده مكتوبًا محمّدٌ رسول الله ﷺ، لا فظٌّ ولا غليظٌ، ولا صخّابٌ بالأسواق، ولا يجزي بالسيّئة السيّئة، ولكنه يعفو ويغفر، وأمّتُه الحمّادون يكبِّرون الله ﷿ على كلِّ ن-جدٍ، ويحمدونه في كلِّ منزلة ... "، رواه الدارمي في مقدّمة سننه٢.
وفي الجَنّة بيتٌ يُقال له بيتُ الحمد، خُصَّ للذين يحمدون الله في السرّاء والضراء ويصبرون على مُرِّ القضاء، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا مات ولَدُ العبد قال الله - تعالى - لملائكته: قبضتُم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدَك واسترجع. فيقول الله - تعالى -: ابنوا لعبدي بيتًا في الجَنّة وسمُّوه بيتَ الحمد" ٣. فهذا حَمِدَ الله على الضرّاء فنال بحمده هذه الرتبة العلية، ولكن كيف يبلغ العبدُ هذه المنزلة، وكيف يصل إلى هذه الدرجة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "والحمد على الضرّاء يوجبه مشهدان:
أحدهما: علم العبد بأنّ الله - سبحانه - مستوجبٌ ذلك، مستحقٌّ له بنفسه، فإنّه أحسنَ كلَّ شيء خلقه، وأتقن كلَّ شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم.
والثاني: علمُه بأنّ اختيارَ الله لعبدِه المؤمن خيرٌ من اختياره لنفسه، كما

١ انظر: السلسة الضعيفة للألباني (٢/٩٤) .
٢ سنن الدارمي (١/١٦) .
٣ سنن الترمذي (رقم:١٠٢١)، وحسّنه العلاّمة الألباني في الصحيحة (رقم:١٤٠٨) .

1 / 66