Matakai Shida da Asirin Sadarwa: Kimiyya Don Zamanin Haɗewa
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Nau'ikan
بدأت الإجابة عن هذا السؤال تتكشف لنا يوم الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. أشبعت أحداث ذلك اليوم المشئوم، وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تحليلا بالفعل، لكن ثمة سببا يدعونا للعودة إلى هذه المأساة في سياق هذه القصة؛ إذ إنها تفسر الكثير من التناقضات التي واجهتنا: كيف يمكن أن تكون الأنظمة المتصلة قوية وضعيفة في الوقت نفسه؟ كيف يمكن للأحداث البعيدة ظاهريا أن تكون أقرب مما نظن؟ كيف يمكن أن ننعزل، في الوقت ذاته، عما يحدث بالجوار؟ وكيف يمكن للروتين العادي أن يؤهلنا لما هو استثنائي؟ كشفت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بطريقة لا تفعلها سوى الكوارث الحقيقية وحدها، عن الروابط الخفية الكامنة في بنية الحياة المعاصرة المعقدة، ومن هذا المنظور، ما زالت هناك بعض الدروس التي ينبغي علينا تعلمها.
من منظور البنية التحتية المحض، كان يمكن لتلك الهجمات أن تكون أسوأ بالفعل، فعلى عكس الانفجارات النووية أو تفشي أحد عوامل العدوى البيولوجية في الهواء، كان الهجوم متمركزا نسبيا في موقعه، بل معزولا أيضا عن باقي المدينة. على سبيل المثال، عدد خطوط المواصلات، التي تمر بما كان يعرف بمركز التجارة العالمي آنذاك، كانت أقل بكثير منها في ميدان تايمز سكوير أو محطة قطارات جراند سنترال مثلا، ومع ذلك، فقد كان انهيار البرجين كارثة مروعة، طمرت الشوارع من جرائها ودمر مترو الأنفاق، وأبيد أحد مراكز الاتصالات الرئيسية بالمدينة؛ مبنى فيرايزون في 140 بالشارع الغربي، وتطلب الكثير من هذه الأضرار سنوات لإصلاحها، مع تكلفة تقدر بالمليارات.
لكن في يوم الثلاثاء ذاك تسبب الضرر المادي في نتيجة مماثلة في الأهمية تمثلت في التعجيل بوقوع أزمة «مؤسسية» خطيرة؛ فقد دمرت غرفة متابعة الحالات الطارئة الخاصة بعمدة المدينة مع انهيار المبنى رقم 7 من مركز التجارة العالمي بعد انهيار البرجين بفترة وجيزة، وبحلول العاشرة صباحا، فقد مركز التحكم الخاص بقوات الشرطة جميع خطوط الهاتف، بالإضافة إلى خدمات الهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني وأجهزة الاستدعاء، ولما كانت المدينة تواجه كارثة غير مسبوقة وغير متوقعة على الإطلاق، مع عدم توافر أي معلومات تقريبا يمكن الاعتماد عليها، وفي ظل تزايد التهديدات بوقوع هجمات تالية، تعين على المدينة التنسيق بين عمليتين كبيرتين في آن واحد؛ الإنقاذ والأمن، وفي أقل من ساعة على بدء حالة الطوارئ، أصابت الفوضى البنية التحتية نفسها التي صممت خاصة للتعامل مع الحالات الطارئة.
لكن بطريقة ما، تمكنت المدينة من اجتياز الأزمة؛ ففيما يعد استجابة منظمة على نحو يستحيل تصديقه في ضوء الظروف القائمة آنذاك، حول كل من مكتب العمدة، وإدارتي الشرطة وإطفاء الحرائق، وهيئة الموانئ، والهيئات المتعددة المختصة بالتعامل مع الطوارئ، سواء الفيدرالية أو التابعة للولاية، وعشرات المستشفيات ومئات الشركات وآلاف المتطوعين وعمال البناء، جنوب مانهاتن من منطقة حرب إلى موقع للتعافي في أقل من أربع وعشرين ساعة، وفي تلك الأثناء استمر كل شيء في باقي أنحاء المدينة في العمل على نحو طبيعي تماما؛ الأمر الذي بدا غريبا للغاية. لم تنقطع الكهرباء، ولم تتوقف القطارات عن العمل، وظل بالإمكان تناول غداء لطيف في أحد مطاعم شارع برودواي بالقرب من جامعة كولومبيا، ونظرا للإجراءات الأمنية التي حتمت ملازمة المنازل أو المكاتب في الجزيرة ذلك اليوم، عاد تقريبا جميع من كانوا خارج المنطقة المنكوبة إلى منازلهم تلك الليلة، وعاد سير العمل في توصيل المؤن وجمع القمامة إلى حالته الطبيعية تقريبا في اليوم التالي. ظلت الشرطة تجوب المدينة، واستمرت إدارة إطفاء الحرائق في الاستجابة لكل إنذار حريق، مع أنها فقدت في ساعة واحدة أكثر من ضعف عدد الرجال الذي يمكن فقدانه في جميع أرجاء البلاد في عام كامل. وفي تلك الليلة شاهد الأصدقاء خطاب الرئيس الذي بثه التليفزيون في الحانات التي احتشد فيها الناس كعادتهم، وفي اليوم التالي عاد أغلب سكان المدينة في الواقع إلى العمل. استمرت أنشطة الحياة اليومية إلى حد أصاب سكان نيويورك، في الحقيقة، بالشعور بالذنب لعدم تأثرهم بالحادث بما فيه الكفاية.
بحلول يوم الجمعة، كانت الحواجز المطوقة للطرف الجنوبي من الجزيرة قد تراجعت جنوبا من شارع 14 إلى شارع كانال، وفي يوم الاثنين الموافق 17 سبتمبر، كان أغلب منطقة وسط المدينة جاهزا لعودة العمل به، بل إن البورصة ذاتها فتحت أبوابها من جديد، على الرغم من تكبد عالم المال معظم الخسائر في كل من الموظفين والمواد. كافحت شركات التداول للعمل، من المنازل والمكاتب المشتركة والأدوار المكتبية المؤجرة بجميع أنحاء مانهاتن وبروكلين ونيوجيرسي وكونيتيكت في استماتة لإعادة هيكلة عملها، وإنقاذ البيانات من خوادم النسخ الاحتياطي وإصلاح نظم الاتصالات مؤقتا، وذلك في مسعاها ليس فقط للتعايش مع مأساة فقدان الزملاء، بل تعويضها أيضا.
كان لدى مؤسسة مورجان ستانلي وحدها ثلاثة آلاف وخمسمائة فرد يعملون في البرج الجنوبي، وما يصعب تصديقه هو أنه ما من أحد منهم لقي حتفه، لكن ذلك لم يقلل من حجم مشكلة إعادة توزيع آلاف الأفراد في غضون أيام؛ لأنه لم يكن من الواضح بعد في تلك الأثناء كم منهم لا يزال على قيد الحياة! واجهت الكثير من الشركات الأخرى، الكبيرة منها والصغيرة، مهمة مخيفة مماثلة؛ فعلى سبيل المثال، لم تفقد شركة ميريل لينش، التي يقع مقرها قبالة مركز التجارة العالمي، مكاتبها، لكن تعين عليها إعادة توزيع آلاف العاملين لأكثر من ستة أشهر إلى أن تمكنوا من دخول المبنى مرة أخرى. وإجمالا، تعين على أكثر من مائة ألف شخص أن يذهبوا لأماكن مختلفة للقيام بأعمالهم في يوم الاثنين من ذاك الأسبوع. إن توزيع هذا العدد الهائل من الأفراد ما كان ليتحقق في فترة تقل عن أسبوع، حتى في الجيش نفسه المعد خاصة لمثل هذه المواقف. لكن بطريقة ما، في التاسعة والنصف صبيحة يوم الاثنين؛ أي بعد ستة أيام فحسب مما بدا حينها نهاية العالم، دق جرس بدء التداول ببورصة نيويورك من جديد.
كما حدث في أزمة تويوتا-آيسين، تمتعت كل الشركات والهيئات الحكومية المشتركة في جهود التعافي بدوافع قوية - اقتصادية واجتماعية وسياسية - لفعل ما فعلته، لكن حسبما أشرنا في الفصل
التاسع ، ليست الدوافع - بما في ذلك أقواها - كافية لإحداث رد فعل فعال على المدى القصير، فلا بد أن تتوافر القدرة، وكما حدث مع مجموعة تويوتا، ما كان من الممكن تصميم القدرة على التعافي من الكارثة بوعي، بل في الواقع، لم يحقق الجزء المصمم من قبل - غرفة متابعة الحالات الطارئة الخاصة بعمدة المدينة - النجاح، أو على الأقل فشل في العمل كما كان مفترضا. أيضا لم يتوافر الوقت الكافي، في خضم الأزمة نفسها، لجميع الأطراف المعنية ليدركوا كل شيء كانوا بحاجة إلى معرفته، ومن ثم، أيا كان ما تمتع به النظام ومكنه من التعافي بهذا القدر من السرعة، فلا بد أنه كان موجودا مسبقا بالفعل، وتطور في الأساس لأغراض أخرى.
بعد أشهر قلائل من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، سمعت قصة مذهلة من سيدة تعمل بشركة كانتور فيتزجيرالد، وهي شركة لتداول الديون فقدت ما يزيد عن سبعمائة من موظفيها الذين لا يتعدون الألف موظف جراء انهيار البرج الشمالي، وبالرغم من الصدمة العميقة التي عاناها من تبقى من الموظفين (أو ربما بسببها)، قرروا في اليوم التالي أنهم سيسعون لدعم بقاء الشركة، القرار الذي بدا غير قابل للتصديق على الإطلاق نظرا للعقبات العملية المثبطة للهمم التي لزم عليهم تجاوزها. أولا: لم يقع مقر أسواق الدخول الثابتة، على عكس أسواق الأسهم، في البورصة، ومن ثم لم يتم تعليق العمل بها؛ لذا إذا أرادت شركة كانتور فيتزجيرالد النجاة، فعليها العمل في غضون الساعات الثماني والأربعين التالية. ثانيا: مع أن خطة التعامل مع الطوارئ المصممة بعناية لديها اقتضت توفير نسخ احتياطية بعيدة من كل نظم البيانات والكمبيوتر، ثمة حالة طارئة واحدة لم تتوقعها، وهي أن كل من كانوا يعرفون كلمات المرور قد فقدوا في الأحداث! وفي الواقع، إذا لم يكن أحد على علم بكلمات المرور، فما من قيمة للبيانات، على الأقل إذا استحال الوصول إليها ليومين كاملين.
لذا ما فعلوه هو أنهم جلسوا كمجموعة، وأخذوا يتذكرون كل ما يعرفونه عن زملائهم، وكل ما فعلوه، وكل مكان ذهبوا إليه، وكل ما حدث من قبل بينهم، ونجحوا بالفعل في أن يحزروا كلمات المرور. يبدو ذلك أمرا يصعب تصديقه، لكنه حقيقي، وهو يفسر بشكل كبير الفكرة الموضحة في الفصل السابق: التعافي من الكارثة ليس شيئا يمكن تخطيطه بما يناسب حدثا محددا، أو تنسيقه مركزيا وقت وقوع الكارثة نفسه. في الكوارث الحقيقية يكون المركز هو أول جزء في النظام يتعرض للانهيار، كما حدث مع مكتب العمدة وشركة آيسين من قبله؛ لذا فإن استمرارية النظام، كشركة كانتور فيتزجيرالد، تعتمد على شبكة موزعة من الأعمال الروتينية العادية والروابط الموجودة من قبل التي تربط المؤسسة بعضها ببعض على جميع المستويات.
Shafi da ba'a sani ba