Matakai Shida da Asirin Sadarwa: Kimiyya Don Zamanin Haɗewa
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Nau'ikan
يستثنى من هاتين الفئتين العامتين المفهوم المعروف باسم «الرابط الضعيف»، الذي قدمه عالم الاجتماع مارك جرانوفتر، وهو يشكل تمهيدا لبعض النماذج التي سنتناولها في مشكلة العالم الصغير. بعد إتمام جرانوفتر لدراسة مكثفة لمجتمعين في بوسطن أثمرت محاولتهما لحشد الرأي ضد تهديد التنمية الحضرية إلى نتائج مختلفة تمام الاختلاف، توصل جرانوفتر إلى نتيجة مدهشة، وهي أن التنسيق الاجتماعي الفعال لا ينشأ من روابط «قوية» شديدة التشابك، بل من وجود روابط ضعيفة عرضية بين الأفراد الذين لا يمتون في أغلب الأحيان بصلة قوية بعضهم لبعض، أو ليس لديهم الكثير من الأمور المشتركة فيما بينهم، وقد أطلق جرانوفتر على هذا التأثير في بحثه الهام، الذي أصدره عام 1973، «قوة الروابط الضعيفة»، وهي عبارة جميلة ومنمقة دخلت منذ ذلك الحين في قاموس علم الاجتماع.
أوضح جرانوفتر فيما بعد أن ثمة علاقة ارتباط مماثلة بين الروابط الضعيفة من ناحية، وتوقعات الأفراد بالحصول على وظيفة من ناحية أخرى؛ فالبحث عن وظيفة، حسبما اتضح، لا يتعلق فحسب بوجود صديق يمهد لك الطريق، لكن طبيعة هذا الصديق لها أهمية كبيرة. لكن المفارقة هنا هي أن من ستجني من ورائهم أقصى فائدة لن يكونوا الأصدقاء المقربين! فنظرا لأن هؤلاء الأصدقاء يعرفون الكثير من معارفك، ويمكن أن يحصلوا على المعلومات نفسها، نادرا ما يكونون هم من يمكنهم مساعدتك في الانتقال إلى بيئة جديدة مهما كانت رغبتهم في ذلك، لكن غالبا ما يكون المعارف غير المقربين هم من يفيدونك؛ نظرا لقدرتهم على منحك معلومات ما كان بإمكانك أبدا الحصول عليها بطريقة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار الروابط الضعيفة حلقة وصل بين التحليل على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجموعات؛ إذ إن الأفراد هم من ينشئونها، لكن وجودها يؤثر على حالة وأداء ليس فقط الأفراد الذين «يملكونها»، بل أيضا المجموعة الكاملة التي ينتمون إليها، ومن ثم، زعم جرانوفتر أنه يمكن تحديد هل الروابط قوية أم ضعيفة عن طريق النظر إلى البنية على مستوى المجموعات فقط؛ أي ملاحظة البنية التي ينتمي إليها الأفراد. ومع أننا سنرى أن العلاقة بين ما هو خاص (الأفراد) وما هو عام (المجموعات والمجتمعات والتجمعات وما إلى ذلك) أكثر دقة إلى حد ما مما وصفه جرانوفتر منذ ثلاثين عاما، فإن عمله يمثل تنبؤا ملفتا للنظر بعلم الشبكات الحديث الآن. (3) للديناميكيات أهمية
إن فهم محللي الشبكات الاجتماعية العميق للبنية يفتح الباب أمام مجموعة كاملة من الأسئلة البعيدة تماما في جوهرها عن النظرية المجردة للرسوم البيانية، لكن لا تزال ثمة مشكلة رئيسية فيما يتعلق بتحليل الشبكات الاجتماعية، ألا وهي «غياب الديناميكيات»؛ فبدلا من التفكير في الشبكات ككيانات تتطور تحت تأثير القوى الاجتماعية، تعامل معها محللو الشبكات غالبا كتجسيد جامد لتلك القوى، وبدلا من النظر إلى الشبكات كقنوات ينتشر من خلالها التأثير حسب قواعدها الخاصة، نظر إلى الشبكات نفسها كتمثيل صريح للتأثير. ووفق أسلوب التفكير هذا، يعتقد أن بنية الشبكة، التي ينظر إليها كمجموعة ثابتة من المقاييس، تجسد جميع المعلومات المتعلقة بالبنية الاجتماعية؛ تلك المعلومات ذات الصلة بسلوك الأفراد وقدرتهم على التأثير على سلوك النظام. كل ما يتطلبه الأمر هو جمع البيانات الخاصة بالشبكة، ثم قياس السمات الصحيحة، وسيتضح كل شيء على نحو مذهل.
لكن ما الذي يجب قياسه؟ وما الذي سيتم استيضاحه بالضبط؟ يمكن أن تعتمد الإجابات هنا اعتمادا كبيرا على نوع التطبيق المحدد الذي يتعامل معه المرء؛ على سبيل المثال، لا يتشابه بالضرورة تفشي مرض ما مع انتشار أزمة مالية أو ابتكار تكنولوجي. إن السمات البنائية للشبكة التي تمكن أي مؤسسة من جمع المعلومات بفعالية يمكن أن تختلف عن تلك التي تمكنها من معالجة المعلومات التي تمتلكها بالفعل أو التغلب على كارثة غير متوقعة. إن الدرجات الست التي تفصل المرء عن رئيس الولايات المتحدة يمكن أن تمثل مسافة قصيرة أو طويلة، ويعتمد ذلك على ما يبتغي المرء فعله. أوضح جون كلاينبيرج (الذي سنتعرض لعمله الملهم في مسألة العالم الصغير في الفصل
الخامس ) ذلك ذات مرة لأحد الصحفيين، فقال له إنه اشترك مع أحد الباحثين بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، في كتابة بعض الأبحاث، وكان ذلك الباحث قد سبق له التعاون مع من أصبح بعد ذلك الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، وعلق كلاينبيرج على ذلك قائلا: «للأسف، لا يجعل لي ذلك تأثيرا كبيرا على بيل جيتس.»
نظرا لأن القياسات الثابتة والبنيوية الخالصة لبنية الشبكات لا تفسر أي نشاط يحدث في الشبكة، فإن تلك الأساليب لا توفر أي وسيلة منهجية لترجمة مردودها إلى عبارات ذات معنى حول النتائج. مثال على ذلك، تدبر ادعاء إحدى كليات الإدارة بأن القيادة مهارة عامة بكل ما تحمله الكلمة من معان وتنطبق قواعدها في أي سياق؛ فإن ما تدعو إليه هذه الكلية واضح، وهو: تعلم كيفية «الإدارة» وسيمكنك إدارة أي شيء، بدءا من شركة ناشئة، مرورا بمنظمة غير ربحية، وصولا إلى فصيلة عسكرية، لكن من الناحية العملية لا تسير الأمور بهذه البساطة؛ فالقيادة اللازمة في وحدة مشاة مقاتلة - على سبيل المثال - مختلفة تماما عن تلك اللازمة في مكتب حكومي، والقائد الذي يحسن البلاء في إحدى البيئات يمكن أن يكون أداؤه ضعيفا للغاية في غيرها. ولا يعني ذلك أنه لا توجد مبادئ مشتركة على الإطلاق، لكن لا بد من تفسير هذه المبادئ في ضوء ما تحاول المؤسسة على وجه التحديد تحقيقه، وفي ضوء أنماط البشر الذين يعملون فيها. يسري الأمر نفسه على التحليل البنيوي؛ فبدون نظرية مماثلة عن السلوك - الديناميكيات - لن يمكن تفسير نظرية بنية الشبكات على الإطلاق، ومن ثم لن تكون ذات فائدة عملية تذكر.
تعد «المركزية» أحد الأمثلة الهامة على ما يسفر عنه تناول الشبكات بمنهج بنيوي خالص من تبني كثير من المحللين لنظرة مطمئنة - لكنها مضللة تماما - عن العالم. يتمثل أحد أكبر الألغاز المتعلقة بالنظم الكبيرة الموزعة - بدءا من المجتمعات والمؤسسات وصولا إلى العقول والنظم البيئية - في الكيفية التي يمكن أن يظهر بها نشاط متسق على نحو كلي في غياب رقابة أو سلطة مركزية. عادة ما يتم تجنب مشكلة التنسيق اللامركزي عن طريق إدماج مركز تحكم واضح، وذلك في النظم التي صممت وأعدت خاصة لفرض التحكم؛ كالنظم الديكتاتورية وشبكات أجهزة الاستدعاء التي تعمل بالقمر الصناعي، لكن في كثير من الأنظمة - عادة تلك التي تطورت أو ظهرت طبيعيا - يكون مصدر التحكم غير واضح على الإطلاق. تحظى المركزية بقدر كبير من الجاذبية بطبيعتها، وهو ما دفع محللي الشبكات إلى التركيز بشدة على ابتكار تدابير لها، سواء للأفراد داخل الشبكة أو للشبكة بالكامل.
يقتضي هذا المنهج ضمنا أن الشبكات التي تبدو لامركزية هي في حقيقة الأمر ليست كذلك على الإطلاق، فإذا تأملنا بإمعان بيانات الشبكات، فسيتضح لنا أنه حتى الشبكات الكبيرة المعقدة تعتمد على مجموعة ثانوية صغيرة من الفاعلين المؤثرين، ووسطاء المعلومات، والموارد الهامة، وتمثل هذه العناصر مجتمعة المركز الفعال الذي يعتمد عليه أي شخص آخر. قد لا يكون هؤلاء الفاعلون الرئيسيون واضحين - وقد يبدون غير مهمين بالمقاييس التقليدية للمكانة أو السلطة - لكنهم موجودون دائما، وما إن يحددوا حتى تتضح الأمور، ويصير أمامنا نظام له مركز. شاعت مفاهيم المركزية شيوعا كبيرا في دراسات الشبكات، ومن السهل إدراك السبب وراء ذلك؛ فالنظرية قابلة للاختبار والتحليل، وتؤدي إلى نتائج قابلة للقياس، بل مدهشة في بعض الأحيان (مثل أن يكتشف أن أكثر مجموعات النفوذ تماسكا في أي شركة هم المدخنون الذين يتجمعون بالخارج عدة مرات في اليوم، أو أن مساعد المدير، وليس المدير نفسه، هو وسيط المعلومات الرئيسي)، لكنها في الوقت نفسه لا تجبرنا على استيعاب أي مفاهيم شديدة الصعوبة أو منافية للبديهة. للعالم دائما مركز، ويعالج هذا المركز المعلومات ويوزعها، ويحدث الفاعلون المركزيون أثرا أكبر من الفاعلين الهامشيين.
لكن ماذا إذا لم يكن هناك أي مركز؟ أو ماذا إذا كان هناك الكثير من «المراكز» التي ليس من الضروري أن تكون متسقة أو حتى متفقة؟ ماذا إذا لم تنشأ الابتكارات المهمة في قلب الشبكة، بل في أطرافها التي ينشغل وسطاء المعلومات عن الانتباه إليها؟ ماذا إذا انتشرت الأحداث البسيطة في أماكن غير واضحة عن طريق الظروف العرضية والمصادفات العشوائية، لتؤثر بذلك على عدد كبير من قرارات الأفراد، التي يتخذونها في غياب أي خطة كبرى، لكنها تتجمع على نحو ما في صورة حدث بالغ الأهمية لا يتوقعه أحد، بما في ذلك الفاعلون أنفسهم؟
Shafi da ba'a sani ba