الحياة، منشدًا الشعر على ألحان الموشحات، حتى انطفأ، والأنشودة على ثغره في العشر الأول من شهر رمضان سنة ٦٠٨هـ شباط ١٢١١م. وذكره صاحب الكمال في عقود الجمان، وقال: إنه توفي يوم الأربعاء من الشهر المذكور كما في وفيات الأعيان لابن خلكان.
دار الطراز، أهمية الكتاب وتحليله:
ذكرنا في كتابنا "الشعر في العصر الأيوبي وممثلوه الأساسيون" الصفات التي امتاز بها شعر ابن سناء الملك، وقلنا: إنه يخضع للمؤثرات التي طبعت شعر ذاك العصر والتي بيناها هناك١.
وقد بدا لنا أن عبقرية هذا الشاعر لم تظهر بشكل بارع إلا في موشحاته، وفي مدائحه التي تتغنى بظفر السلطان صلاح الدين الأيوبي، وفي بعض أبياته الغزلية. إلا أن أصالته الحقيقية هي في فن الموشح الذي أحبه، وأكثر من النظم فيه.
والحقيقة أن هذا الفن الشعري لم يظهر في أول أمره في الشرق، ونعتقد أن مخترعه هو محمد بن حمود القيري الضرير، المولد في مدينة قبره من بلاد الأندلس، وقد عاش هذا الشاعر في نهاية القرن الثالث الهجري "القرن التاسع الميلادي"، إلا أن المحاولات التي قام بها لم تكن محاولات نهائية، وكان علينا أن ننتظر مجيء الشاعر عبادة بن ماء السماء المتوفى سنة ٤٢١هـ/ ١٠٣٠م لنرى الموشح قد أصبح فنًّا قائمًا بذاته، له أسسه وقواعده، وله أثره وجماله وشعراؤه.
وهكذا أخذ الموشح ابتداء من القرن الرابع الهجري، يزدهر ويسمو في سماء الأندلس، فظهر شعراء وشاحون، عبقريون، ينظمون فيه القصائد الممتعة كالأعمى
_________
١ Voir "La poesie profane sous les Ayyudes et ses principaux pepresintants ٢ Partie
1 / 12