تفضُّلًا؛ لقوله: ﴿وعدا علينا إنا كنا فاعلين﴾، وتصديقًا لخبرٍ، حيث قال: " لا يُخِلف اللهُ وعدَه". وكما يلتزم أحدُنا مكأفاةَ صاحبِه على إِحسانٍ أو فِعلِ جميلٍ. وفي التنزيل: ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾.
[مسألة الوعيد]
ومنها أنّ وعيد أهل الكبائر غير منقطعٍ عندهم ما لم يتوبوا، وأنّ العفو من الله عمّن مات مُصِرًّا على المعصية محالٌ؛ لما يأثرون، "لا تنظروا إِلى صغر الذنب، ولكن انظروا على مَن اجترأتم". ولأنّ العفو عن مِثل هذا إِغراءٌ للعصاة بالمعصية، وهو قبيحٌ عقلًا، إِذ شأن الملِك أن يوقِع الرهبةَ ولا يخرق الناموسَ. ولأنّ ذلك أصلحُ للخلقِ ليرتدعوا. وهو عند أهل السنّة في مشيئة الله، لقوله: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾.
وجواب المعتزلة: أمّا ما أثروه، فلا يثبت إِلاّ عن بعض التابعين. وأمّا إِغراء العصاة، فباطلٌ بالتوبة؛ فإِنّ قبولها واجبٌ عندهم مع حصول الإِغراء به. إِذ إِقدام العاصي على المعصية إتّكالًا على التوبة، كإقدامه اتّكالًا على العفو. وأمّا اعتبار خرقِ الناموس، فهو تحسينٌ عقليَُ باطلٌ. ثمّ قبحه معارَضٌ بحُسن العفو. وتَركُ الوعيدِ مَكرُمةٌ عند العقلاء؛ لقول الشاعر:
وإِني وإِن أَوعدتُه أو وَعَدتُه .... لمخلِفُ إِيعادي ومنجِزُ موعدي
وهذا البيت احتجّ به أبو عمرو بن العلاء على عمرو بن عبيدٍ. فيقال: إِنّ عمرو بن عبيدٍ قال لأبي عمرو: "إِنّ الله يتعالى عن الخلف. والشاعر قد يقول الشئ وخلافه؛ فهلاّ قلتَ ما قال الشاعر:
إِنّ أبا ثابتٍ لمجتمِع الـ ... ـرأي شريف الإِباء والبيتِ
لا يخلف الوعدَ والعيدَ ولا ... يثبت مِن ثأره على فَوتِ"
1 / 101