Jini da Adalci
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Nau'ikan
كانت هذه المنهجية الجديدة المتمثلة في التشكيك في أنفسنا وفي العالم من حولنا تتطلب منهجية جديدة متمثلة في مناقشة الأفكار ونشر المعرفة. فشرع المهتمون بالفلسفة في جميع أنحاء أوروبا يتجمعون في عدد من النوادي غير الرسمية. وفي عام 1603، أنشأ الفلاسفة الإيطاليون أكاديمية دي لينشيي في روما ، وما لبث الفرنسيون أن أنشئوا أكاديمية فلوريمونتان دانيسي في عام 1606. والهولنديون لكيلا يشذوا عن الجميع أنشئوا الأكاديمية الهولندية في أمستردام عام 1617، وفي العام نفسه بدأت جماعة فروخت برينجنده الألمانية في الاجتماع. في واقع الأمر، كانت كل أكاديمية تضم في الغالب مجموعة من الأصدقاء المحليين الذين اهتم بعضهم بالتواصل مع أعضاء النوادي الأخرى. وفي عام 1635، أنشأ الفرنسيون أكاديمية وطنية: الأكاديمية الفرنسية، وتمنى مؤسسوها أن تصبح نقطة التقاء لجميع المفكرين في فرنسا.
كانت المشكلة أن هذه الأكاديميات كانت تتأسس على يد الأشخاص المرموقين؛ بمعنى أصح أهل الثروة وأهل النفوذ. فبينما كانوا يتكلمون عن التحرر، كانوا يميلون بشدة لفعل ذلك فحسب: أي الكلام لا شيء غيره؛ لذا لم يكن هناك أي محاولة كبيرة لإجراء التجارب التي تخيلوها في أوقات فراغهم وناقشوها بصورة مطولة في عروضهم.
وخلال عقد من الزمان، انفصل عدد كبير من الأعضاء الأحدث سنا الذين كانوا مهتمين أيضا بالفلسفة والعلوم عن الأكاديمية الفرنسية لما سئموا الخطابات المطولة المضيعة للوقت التي كان يلقيها أساتذتهم الذين قضوا معظم وقتهم يتجادلون حول التفاصيل الدقيقة للكلمات الملفوظة بدلا من محتواها الواقعي. وغالبا ما يقتصر الأمر على قراءتهم أبحاثا شكلية مطولة تاركين وقتا قصيرا للتفاعل. وتلخص طبيعة الخلاف المتزايد على نحو رائع في خطاب عالم الفلك وعالم المكتبات اللامع إسماعيل بوليالدوس إلى عالمي التاريخ بيريسك وبيير دوبويس:
14 أكتوبر 1645
كنت أحب أن أرى هذه الشوارب التي تتحدثان عنها في تلك المخطوطات لكي أؤنب أصحابها. فهؤلاء الحثالة ذوو الكلمات المنمقة يسعون إلى الحكم على ما لا يفهمون. سوف تريان أن هذه الأكاديمية ستصبح حاضنة للهمجية وستكبت بكل إمكانياتها علوم اللغات والحروف؛ ذلك لأن من هم على استعداد لتحمل مشقة الدراسة قلة. وسيقتصر تعليم المفكر وقدراته على كتابة علامات الترقيم وكتابة قصائد الروندو. إنهم يستغرقون ثلاثة أسابيع أو شهرا في تناول شيء تافه يمكن حسمه في طرفة عين، ويحبون استعراض أنفسهم في صالونات سيدات باريس اللاتي يعجبن بالمظاهر. وإن خير نصيحة كانت ستسدى لرئيس هذا التجمع الشهير (المستشار سيجير ) هي فض هذا التجمع، حينئذ سيكون فعله مبررا، وسيصيبه سخط كبير بعد أن أنفق كل ما أنفق، وبعد إرساله خادما مخصوصا لاستعادة كتب قد تكون أنفع للعوام من أي شيء خرج من أيادي أولئك المفكرين.
وبعد هذا الاتهام بأن الأكاديمية كانت في الأساس مجموعة من الأشخاص المغرورين عديمي الفائدة، يخشى بوليالدوس من أن يكون قد تمادى في الإساءة ويتابع:
لكن كل هذا يقبع تحت غطاء السرية، ولا أستثني أصدقائي في اللجنة. فلا أريد أن يروا ما أكتب إليكما، بل سيكون من دواعي أسفي الشديد أن يطلع السيد دي لا موتيه الذي أوقره وهو اللبيب الذي يتذوق الأدب على هذا الجزء من خطابي. ولست أتحدث عنه ولا عن دابلانكورت.
1
سرعان ما برز أحد أسماء الذين سخطوا على الوضع القائم، وهو هنري لوي هابرت دو مونتمور. فقد اجتمعت فيه الخصال الأساسية لمجدد القرن السابع عشر. لقد كان ثريا وعلى علاقة بالدوائر الملكية، ويحب الاختلاط بأهل الفضول، وفوق ذلك امتلك منزلا في وسط باريس كان بمثابة ملتقى رائعا.
اكتسب مونتمور نفوذا بسبب كرم ضيافته، وكان هذا وحده كفيلا بتلقيه الثناء برغم وجود بعض الشكوك حول كونه ألمع عقول أهل الأرض؛ إذ ذكر أحد المعلقين أنه كان يتمتع ب «ذوق في الخطابات» وهو ما يوحي بأنه كان يعتمد على الإسهاب الذي كان مزعجا. كما اتهم كذلك بمواجهة صعوبة في التعبير عن نفسه وبأنه كان بطيئا وطيعا ولم يكن يعبأ كثيرا بواجباته.
Shafi da ba'a sani ba