Jini da Adalci
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Nau'ikan
قال لامي آملا في تلخيص رأيه قبل انتهاء الاجتماع: «أيها السادة، إن نقل الدم اختراع جديد تماما. فإذا نجح فسيشرف قرننا باكتشاف وسيلة بسيطة وسريعة للتخلص من الأمراض المستعصية التي تؤرق مضاجعنا وتمنعنا من الاستمتاع بطيب الحياة. للأسف، لا أزال مقتنعا بأننا إذا نظرنا لنقل الدم جيدا فسنجد أن فوائده قليلة. فربما ينتهي بنا المطاف بقتل الناس بدلا من علاجهم.»
قال دوني وعيناه تجوبان الغرفة بحثا عن الإلهام ومحاولا أن يستشف ما إذا كان هذا اليوم سيخدم أم يمنع وقوفه المرتقب أمام القاضي: «لا يمكنني أن أتفق معك.» كان دوني سعيدا نسبيا على المستوى العام؛ إذ لم ينقض المفكرون الذين امتلأت بهم الغرفة تصوره؛ لذا فلن تكون المحكمة قادرة على توجيه أي ضربات له: «لا شيء مما سمعت أو رأيت يثنيني عن أن أرى أن نقل الدم وسيلة نافعة، بل ربما تشكل العلاج المطلق لكل الأمراض.»
ضغط بيرو: «لكن يجب عليك يا صديقي العزيز أن تقر بوجود مساحة للشك، أليس كذلك؟ فبعض هذه المزاعم يصعب جدا تصديقه. فلتنظر مثلا إلى علاج الجنون؛ فإذا كان الدم السليم أو الدم الفاسد يمنح أو يسلب الإنسان عقله وقواه العقلية، فإن إعطاء دم عجل لشخص لا بد وأن يورثه غباء هذا الحيوان!» لم يشارك دوني في الضحكات التي تلت هذه الكلمات.
20
فقال دي باسريل: «لكن لا يمكنك كذلك أن تستبعد فائدته تماما. فهناك عديد من الكلاب الآن عاشت لسنة أو أكثر بدم منقول. فهناك الكلب الذي تلقى دما من غزال واستعاد شهيته، وازدادت حيويته بعد ثمانية أيام. وبجانب الرجال الذين تلقوا الدم، أخبرني دوني مؤخرا عن امرأة شفيت من الشلل الذي أصاب الشق السفلي من جسمها، وهي نتيجة مذهلة تماما. وما ينبغي لنا هو أن نحذو حذو زملائنا الإنجليز ونوصي بسلسلة من التجارب تجرى بعناية وتسجل بحرص؛ وعندها قد نرى صورة أوضح للحقيقة. مع ذلك، أرجو من السيد دوني ألا يستسلم لأن لديه أعداء. فلطالما سمعت أن حسد الناس لك خير من الشفقة عليك. إنني أشيد به باسم كل الذين يتشوقون لاستمرار اجتماعاته ومشاركة الجماهير البيانات الجديدة التي يكتشفها كل يوم في المسائل الأخرى، وسأظل من جانبي أحد المستمعين الذين يدافعون عن مشروعية اهتمامه بالمواقف من كل الأنواع.»
عند هذه النقطة، بدا إنهاء الاجتماع مناسبا.
الفصل الحادي عشر
خطأ أم مكر أم قتل؟
ضربت العصا على الأرض مرة أخرى، فانقطعت الأحاديث هذه المرة. دلف رئيس المحكمة - ملازم القضايا الجنائية السيد دورميسو - إلى القاعة، فنادى الحاجب: «سوف تنعقد اليوم السبت الموافق السابع عشر من أبريل من عام ألف وستمائة وثمانية وستين ميلاديا محكمة لو جراند شاتليه في باريس»، وقد سره أن الناس قد أعاروه بعض اهتمامهم أخيرا. استغرق دورميسو بعض الوقت وهو يتخذ جلسته وانتظر الحاضرون؛ إذ لم يكن هناك أي طائل من امتلاك السلطة إن لم تتعد على وقت الآخرين وحرياتهم. وعندما تهيأ أخيرا أشار بإيماءة عامة في اتجاه الوجهاء من داعمي دوني المجتمعين في الشرفة حانيا رأسه لهم، قبل أن يلتفت إلى المحامي الموقر وأومأ برفق. وأخيرا أشار إلى حاجب ليتلو التهمة. «التهمة الموجهة للسيد دوني: أنه في الأيام الأخيرة من يناير من هذا العام قتل هو وشريكه مريضا - وهو السيد أنطوان موروا - في مخالفة للقانون. والتهمة هي أنه، رغم اعتراضات السادة المتعلمين في كلية الطب، أجرى سلسلة من التجارب غير الطبيعية بنقل الدم من العجول إلى عروق المجني عليه. ولم يفعل ذلك مرة واحدة، بل ثلاث مرات. والاستنتاج واضح. لقد قتل دوني موروا.»
قال السيد لاموانيو - محامي دوني - وقد وقف وانحنى للقاضي أولا ثم لمن في الشرفة: «سيادة القاضي، اسمحوا لي أن أتقدم بالدفاع عن المتهم.» ربما لم تكن هناك هيئة محلفين، لكن طالما كانت استثارة رد الفعل الصحيح من الجمهور تساعد على الفوز بالقضية، وكانت الكياسة ناجحة إلى حد بعيد. «إنكم - كما أتيقن - على دراية بالفصول الافتتاحية للموقف الحالي، بالعلاج الفريد الذي أعطي للرجل الذي لفت جنونه أنظار كل سكان مدينة باريس الكبيرة. لقد أدى التخلص من بعض دم الرجل الملوث، وإنعاش جسمه بدم بارد بريء من عجل طيع إلى تحوله، لدرجة أن سلطات الكنيسة أعلنته سليم العقل في غضون أيام وسمحت لموروا بالمشاركة في الشعائر المقدسة. وإن رغبت المحكمة، فأنا على أتم استعداد لاستدعاء القسيسين اللذين زاراه قبل أيام من عيد الميلاد ليشهدا على سلامة عقله.»
Shafi da ba'a sani ba