Jini da Adalci
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Nau'ikan
وحتى في هذه الحالة أوضح دوني أنه لا يتوقع أن يفيد نقل الدم المرضى الذين أصبح دمهم «فاسدا أو ملوثا بصورة كبيرة أو ... مشبعا تماما بخمائر وسموم غريبة». فهو لم يتوقع أن ينجح العلاج في شفاء أي شخص قد تناول السموم أو تلوث جسمه وأنهكه مرض الإسقربوط أو الزهري أو الجذام أو غيرها من الأمراض المزمنة التي توهن الأنسجة. فقد كانت المشكلة لدى دوني أنه مع تكرار دورة الدم الملوث عبر الجسم تفسد ردود الأفعال الحية التي تحدث في الأعضاء المفردة. وأي دم جديد سيصيبه الضرر من هذه البيئة المسمومة قبل أن يتاح له الوقت الكافي لإعادة الأمور إلى طبيعتها.
12
إن استبعاد دوني لقدرة نقل الدم على علاج الزهري رأي طريف في ضوء النظرة المعاصرة لحالة موروا. فمن بين أعراض الزهري الجنون الشديد، وتاريخ موروا الذي تضمن زيارات متكررة لبيوت الدعارة يتماشى مع الموقف. ونعلم الآن أن مرض الزهري يسببه نوع معين من البكتيريا الحلزونية - البكتيريا اللولبية الشاحبة - ومن بين الآثار المدمرة لهذا الميكروب المنقول جنسيا أنه يسبب تلف الدماغ؛ إلا أنها تتأثر كثيرا بالحرارة؛ لدرجة أن المريض أحيانا يمكن علاجه بوضعه في غرفة بخار لبضع ساعات في المرة الواحدة؛ لذا يبرز احتمال أن تكون الحمى التي تلت عمليتي نقل الدم اللتين أجريتا لموروا في منزل دوني قد قتلت البكتيريا وعالجته من مرضه الأساسي، وأنهت جنونه. ومن ثم يمكن لنقل الدم أن يعالج الزهري، لكن تلك كانت طريقة خطرة جدا للعلاج.
تدخل لامي الذي لم يكن ليجلس في هدوء مستمعا للأكبر منه سنا وقال: «المشكلة الثانية كما أرى هي انخفاض التركيز؛ فأي كمية منقولة من الدم تجري عبر الوريد الوداجي ستلتقي بكتلة الدم في الوريد الأجوف وتضيع وسطها قبل أن تدخل إلى القلب. سوف تفقد بالتأكيد نقاءها قبل أن يكون لها أي فائدة. انظر إلى حجم الوريد الوداجي مقارنة بالأوردة الأخرى. إنه أحد الأوردة القليلة التي تصب في قناة مشتركة قبل الدخول إلى القلب. سوف تستنتج - دون خوف من التناقض - أن الكمية الصغيرة المنقولة من الدم ينخفض تركيزها أمام كمية دم المريض الكبيرة.»
مسألة الجرب
سأل أولدنبرج «والكلب الأجرب؟ هل من أخبار عن هذه التجربة التي أجراها صديقي الغائب توماس كوكس؟»
تطوع دوني بالرد: «نعم. لست مقتنعا بأن دم الكلب الأجرب كان فاسدا بالضرورة في عروقه؛ ربما نقي الدم في جسم الكلب لأنه أخرج كل ما يلوثه عبر مسام الجلد. وتظهر هذه السموم في صورة جرب على جلد الكلب، لكن الدم ظل من ثم نقيا. أليس من المؤكد دائما أن وجود الجرب في أثناء المرض علامة جيدة، لأن هذه علامة على أن كل السموم تخرج من الجسم ولا تستمر في الدورة الدموية حيث يمكنها أن تضر بأحد أجزاء الجسم «الثمينة» وتسبب أضرارا شديدة؟»
وقف أولدنبرج من جديد قائلا: «أنا أيضا كنت أتساءل كيف أنه عندما حقن كوكس الدم من الحيوان الأجرب إلى السليم شفي الكلب الأجرب دون نقل المرض إلى الكلب السليم. لكن عندئذ تكون التجربة محيرة أكثر لأن الكلبين لم يكونا من النوع نفسه. فالأمر يتطلب مزيدا من الدراسة، لكني أعتقد أن السيد دوني قد أخطأ؛ فهو يتساءل عما إذا كان دم الكلب الأجرب قد تعفن وفسد في أوردته، وكأن تعفن الدم بالضرورة هو السبب وراء المرض. إلا أن هذه الفكرة تتعارض مع المعروف في التشريح وهو أن الدم لا يتعفن في العروق حتى بعد الموت بعدة أيام. ويقل احتمال تعفن الدم في عروق الحيوان الحي، لأن الدوران المستمر للدم يمنع التجلط وهو ما نعرف جميعا أنه بداية التعفن.»
بدا على دوني أنه على وشك الرد، لكن أولدنبرج رفع يده طالبا السكوت. وتابع: «أما المرض ذاته فيبدو لي أن الجرب إخراج لنوع من الأملاح الحمضية من الدم. وإخراج هذا الملح إلى الجلد لا يكون في صورة متطايرة لذا يبقى ويتحول إلى جرب. يبدو لي أن الكلب السليم سيكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض إن ظل متصلا بالكلب الأجرب لمدة تكفي لفرك بعض الملح عما إذا تلقى كمية ضئيلة من الدم.»
قاطع دوني متجاهلا كل ما قاله أولدنبرج: «أختلف معك؛ فحتى إن كان دم الكلب الأجرب فاسدا، هل نضمن انتقال المرض إلى الكلب المتلقي؟ لا، مرة أخرى أؤكد أنني لا أظن ذلك. فماذا يمنع الدم المتضرر من أن ينقى عند اختلاطه بالدم السليم للكلب المتلقي؟ من السهل أن نرى كيف للحرارة المعتدلة في الكلب الثاني أن تلطف الحرارة العالية التي سببت ظهور الجرب في الكلب المريض. وعندها لن يتفشى المرض.»
Shafi da ba'a sani ba