122

Jini da Adalci

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Nau'ikan

كانت الاتهامات قاسية جدا، لكن المنطق كان يتراجع أمام البيان.

انحنى دي باسريل انحناءة ساخرة في اتجاههم.

قال الطبيب الباريسي جادروا الذي شارك مؤخرا في كتابة بحث مع دوني: «هل تنتظر الكلية فعلا أن نصدق أن لامي الصغير هنا هو أحد أفضل مفكريها؟ لا أظن.»

انتفض الثلاثة واقفين. فقال دي باسريل ملوحا لصديقيه في هدوء ليجلسا متصنعا سيماء السلطة: «سنتجاهل هذه الفورة حاليا.» وتابع كالمحامي الذي يترافع في قضية: «يا سيد بيرو، لقد ذكرت الحقيقة قبل قليل. أرى أن هؤلاء «الفلاسفة»، قد سلموا أنفسهم لحواسهم وهم غير مهتمين أبدا بالحقيقة في حد ذاتها. فقد أعلنوا أنفسهم عدوا لدودا لكل من يكتشف الجديد، أو هم بالأحرى أناس سلموا أنفسهم لحواسهم ولا يبالون بالحقيقة.»

طبيعة الدم

قال لوور مقاطعا الجدل الدائر: «قبل أن ننسى سبب عقد هذا الاجتماع، لنتذكر أننا جئنا إلى هنا اليوم لنتحدث عن العلم والتطبيقات المحتملة لنقل الدم. نعم، لقد كانت أفعال دوني المتهورة وما تلاها من مشكلات شخصية جزءا من الحافز، لكن لنحاول أن ننحيها جانبا إن أمكن. هل لي أن أقترح أن نبدأ باستعراض ما نعرفه عن الدم؟ فهو محوري في هذه القضية على ما أظن، أليس كذلك؟»

أومأ الحاضرون برءوسهم في إشارة إلى إمكانية المتابعة، لكن دوني جلس محدقا ببيرو. وكان قد جلس بالقرب منه، منتظرا أن يحظى بدعمه، وانزعج من أن الشخص الذي رآه محايدا في الجدال، سرعان ما اندفع إلى توجيه النقد.

كان لوور يتحدث في موضوعه المفضل: «أرجو أن يكون بمقدورنا افتراض أن كل من في الغرفة مقتنع الآن بوجود نوع واحد من الدم في الجسم، وهو ما أقصد به أن الدم الشرياني والوريدي متماثلان.» فقد كان في خضم عملية تأليف كتابه عن الدم والقلب الذي بعنوان «علاج القلب»: «وبذلك، يصبح السؤال الذي يجب أن نطرحه عما يكسب الدم الشرياني لونه الأحمر القاتم. تبين تجاربي الأخيرة أن هذا يجب أن يعزى بالكامل إلى الرئتين. فقد وجدت أن الدم عندما يدخل الرئتين يكون دما وريديا تماما ولونه داكنا؛ وعندما يعود منهما يكون دما شريانيا زاهيا. وكذلك بينت أن وجود الهواء في الرئتين هو ما يؤدي إلى ذلك التغيير. ولدي أدلة على هذا الاستنتاج، وليس مجرد حجة جدلية. وينبع الدليل من تجربتين: في الأولى، منعت الهواء من الدخول إلى رئتي الكلب. وبالنظر إلى داخل صدره رأيت أن الدم الذي يغادر الرئتين قد ظل على لونه الوريدي؛ وتحول إلى الأحمر الزاهي في اللحظة نفسها التي سمحت فيها للهواء بالدخول مجددا إلى الرئتين. أما التجربة الثانية، فقد شققت فيها عن صدر الكلب ووخزت الرئتين بإبرة لأسمح للهواء بالدخول من خلالها. وبعدها أخذت أضخ الهواء باستمرار إلى الرئتين باستخدام زوجين من الأكيرة متصلين بالقصبة الهوائية. وعندما قطعت الوريد الرئوي بالقرب من النقطة التي يدخل فيها إلى القلب، وجدت الدم الذي يتدفق منه ذا لون أحمر زاه. فلم يعد دما وريديا، بل أصبح دما شريانيا. وإن أوقفت ضخ الهواء يظل الدم وريديا داكن اللون. لدينا الآن دليل واضح على أن الدمين الأزرق الداكن والأحمر هما الشيء نفسه كما يتضح. وقد بين لنا هارفي أن الدم يجري في دورة، والآن نعرف أن لونه يتغير. وقد صدقت في مرحلة ما النظرية التي تقول إن تغير اللون يحدث في القلب، لكنني الآن أعلم أنه يحدث في الرئتين؛ وأعلم ذلك لأني رأيته.»

4

قال بويل وهو ينهض واقفا ومسرورا لأن الحوار انتقل إلى العلم الجاد: «نعم لكن لا تزال طبيعة الدم غير واضحة أمامنا. فأنا من أول من أقروا بأن العديد من الأطباء قد بينوا بقدر كبير من المعرفة والمهارة محاسن الدم. فمن الواضح أنهم يبينون أن الدم سائل رائع وممتاز، لكني أستميحهم عذرا، لأني أخشى أن تكون كتاباتهم قد تغنت بمحاسن الدم دون أن تقدم أي شيء يبين لنا طبيعة الدم. مؤكد أن الفضول المعاصر قد عرفنا بأشياء عدة لم يكن يعرفها القدماء، إلا أن المعروف بصفة عامة عن دم الإنسان، إن لم أكن مخطئا، لا يزال ينقصه الكثير، وهو يقوم على ملاحظات أكثر مما يقوم على التجارب. فنحن لا نعلم سوى ما جادت به الطبيعة من تلقاء نفسها، ولدينا قليل من المعلومات المستمدة من تجارب تهدف إلى اكتشاف خواص هذا السائل التي اختارت الطبيعة أن تبقيها خفية.

Shafi da ba'a sani ba