121

Jini da Adalci

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Nau'ikan

3

تحدث دوني ببطء وبقوة ليظل مسيطرا على انفعاله: «لم نر إطلاقا أننا كنا متسرعين في الاستمرار والانتقال إلى التجارب على الإنسان. لقد قاومنا في الواقع الضغط الذي تعرضنا له من بعض الناس لنعمل بسرعة أكبر، بل إن البعض اقترح استخدام مجرم مدان لإجراء أول تجربة عليه. لقد كانت فكرة مثيرة للاهتمام، لكنها لم تكن فكرة جيدة. فكر فيها للحظة. فحالة المدان ستكون مضطربة بالفعل بسبب الخوف من الموت. ومن الممكن أن ينظر إلى هذه التجربة باعتبارها صورة أخرى من الموت، وهذه المقارنة البعيدة ربما تفقده الوعي أو تقتله. وعندها سيشير الناس بأصابع الاتهام إلى نقل الدم بأنه أضر به وهو ما سيكون مؤسفا وغير صحيح. إن من شأن إدانتنا بقتل شخص أن تعرضنا للخطر، وهذا سيزعج حتما جلالة لويس الرابع عشر الذي كان يتابع عملنا باهتمام بالغ.»

عم الضحك المتحفظ مع استيعاب الحاضرين للتصريح الملطف؛ إذ إن إزعاج الملك يعني التوقيع على الحكم بالإعدام.

وفور أن عاد الحضور إلى الإنصات مجددا قال دوني: «بعد النظر في كل الآراء، كنا أميل إلى إجراء التجربة أولا على شخص يثق فينا وفي نظرياتنا. كان هذا يعني أن علينا الصبر قليلا لكن النتيجة تستحق؛ لذا وفي هذا الإطار تم تعريفنا بالشاب المريض ذي الخمسة عشر ربيعا الذي يعرفه كثيرون منكم جيدا لأنه استعاد صحته الآن ويخدم في منزلي. فكما ترون كنا حذرين، ولم نتعجل، بل انتظرنا اللحظة المناسبة.»

أولدنبرج: «نحن أيضا كنا حذرين ونحن نجري التجارب على البشر، بل إن حذرنا هذا هو ما أتاح الوقت لدوني لاقتناص الجائزة بإجراء أول عملية نقل دم إلى إنسان.»

وختم بيرو: «رغم مخاوفي، أتطلع إلى فعاليات اليوم آملا أن توضح الأمور. وأظن فيما يخصني أن غياب النجاح يمكن أن يضع حدا لعمليات نقل الدم وليس للمعارضة العامة للعلاج. ولفهم السبب في ذلك، عليكم أن تبدءوا بالتخلص من أي تحيز مسبق سببه السعادة بإمكانية إيجاد علاج طبي بهذه القوة.»

ظل قلق بيرو من أن الدعاية لا ينبغي أن تسبق الواقع يثير المشكلات. وفي عصر أحدث، اختلف العلماء والساسة حول الاستمرار في البحث في مجال «الاستنساخ لأغراض العلاج». فإن نجحت الطريقة، فسيؤدي ذلك إلى أخذ خلية من المريض ودمجها في بويضة بشرية مجهزة تجهيزا خاصا. وفي ضوء الظروف المناسبة، يمكن أن تنمو في صورة جنين - مستنسخ من المريض. وتكمن الفكرة في التدخل في نمو الجنين ليتمكن العلماء من استخراج خلايا مفردة، بدلا من تركها لتنمو مكونة طفلا. وإن كنت تصدق أكثر العلماء حماسة، فهذه الخلايا يمكنها أن تعالج كل الأمراض المزمنة تقريبا وكذلك إصلاح الأضرار العصبية التي يمكن أن تنتج من الحوادث القوية، مثل كسور الظهر. وكالحضور في غرفة دوني، يحتاج صناع القرار في الوقت الحاضر إلى التمييز بين الدعاية المبالغ فيها والأمل الصادق، وهي مهمة ازدادت صعوبة لأن العديد من مقدمي المعلومات لهم مصالح راسخة؛ إذ يأمل بعضهم - مثل دوني - أن يستفيدوا على الصعيد المهني والمادي من العمل. أما الآخرون - مثل أعضاء كلية الطب - فيسعون إلى حماية المبادئ القائمة منذ وقت طويل؛ وفي حالة الاستنساخ العلاجي فإن المبادئ المدافع عنها هي حق الإنسان في الحصول على الحماية، منذ أن يكون جنينا في بطن أمه إلى موته.

إلى يسار دوني مباشرة، جلس لويس دي باسريل وهو طبيب من خارج المدينة وقد تنحنح قائلا: «هل لي أن أعبر عن مدى سروري بأن دعيت إلى هذا المحفل وأن أستغل الفرصة لأشكر السيد دوني على استضافته لهذا المؤتمر في منزله الرائع؟ فمشهد نهر السين خلاب. مع ذلك أثق أننا لن نضيع وقتا كبيرا في المناقشات المملة المتعلقة بحالة موروا المسكين. فأنا من ناحية منزعج من هؤلاء الذين يقضون وقتهم محاولين بدافع الغيرة أو الجهل أن يثبطوا عزم الرواد من أمثال السيد دوني. فلنلق نظرة على الذامين للحظة، فما الصورة التي نراها لعملهم؟ لقد حاولوا أن يستخدموا الكلمات الواهية بدلا من الحجج الواضحة ليفوزوا في هذا السجال، وكان هدفهم الدفاع عن كلية الطب بدلا من السعي لتحقيق الاكتشافات الجديدة أو تقييمها. ويبدو أنهم يظنون أنهم أفضل وأن رؤيتهم أبعد من كل المتعلمين المجتمعين هنا اليوم.»

ترددت الأعين فيما بين دي باسريل وثلاثة أعضاء من الكلية قدموا إلى الجلسة. ولم يكن جلوسهم في أطراف متقابلة من الغرفة بالأمر المثير للدهشة.

تابع باسريل: «لذا أرى أنه من المحزن أن الكلية لم تر من المناسب أن توفد عضوا رفيع المرتبة، بل اختارت أن تتخفى وراء حلاق ينتزع الأسنان، بجانب الدكتور جورج لامي ودكتور بيير مارتين دي لا مارتينيير وهما اسمان تألفونهما إن تابعتم سلسلة الكتيبات المسيئة التي كتبت مؤخرا. اسمحوا لي بأن أذكركم قبل أن تبالغوا في أخذهم على محمل الجد بأن الدكتور لامي هنا هو طالب يدرس الطب يبلغ من العمر 20 عاما جاهد ليجتاز اختباراته، وبأن دي لا مارتينيير، وإن حمل لقب طبيب الملك، فإنه أكثر شهرة بين رعاع بو نيف منه في أي صرح تعليمي. آسف أيها السادة، لكن مجرد نطق أسمائهم يخلف أثرا كريها في فمي. على كل حال نحن نرحب بكم؛ فربما تتعلمون شيئا.»

Shafi da ba'a sani ba