وفي مناغاة الأطفال آية للسائلين ، وتذكرة للمتأملين ، ذكروا أنه كان في زمان داود عليه السلام رجل وامرأته قاعدان على سطح لهما ، وبين أيديهما طفل لهما صغير ، يلعب بين أيديهما وفي حائط السطح كوة نافذة إلى زقاق السطح ، فدب الطفل ودخل في الميزاب فلما قرب إليه أبواه لكي يخرجاه هرب منهما وأشرف على الزقاق ، وإن تنحيا عنه قرب منهما ، حتى طال ذلك عليهما أرسلا إلى داود عليه السلام فجاءهما ، فلما رآه وتأمله قال لهما : ( إئتوني بتربة من الأطفال ) فأتى به فقال لأبويه : ( تنحيا عنه ) فتنحيا عنه وأطلق الطفل إلى الآخر ، فلما قرب نغم أحدهما لصاحبه ونغم له الآخر ، فجرت بينهما مثل المحاورة بين الكبار ، فخرج الطفل إلى الآخر ، فقال داود عليه السلام : ( أتدريان ما جرى بينهما ؟ )
قالا : ( لا ) .
قال : ( قال الطفل لابنكما : أخرج يا أخي لئلا تقع من هناك إلى الزقاق فتهلك .
فقال له الآخر : دعني يا أخي ، أن أسقط من هاهنا فأموت خيرا لي من أن أعيش فأكبر فأكلف ، فإن عصيت ربي دخلت النار .
فقال له الآخر : بل تخرج يا أخي وتعيش وتعمل بطاعة الله وتموت وتدخل الجنة .
فقال له الآخر : أما الآن فنعم . فخرج الطفل .
ولا تلق هذا الخبر وترم به وراء ظهرك ولك في سليمان والهدهد أسوة حسنة ، وفي النمل آية للسائلين .
وقال الحسن البصري : ( إن للناس في هذه الأموات لعجبا ) .
وقيل : إن الأرض إذا أصبحت نادى بعض البقاع بعضا هل مر بكن ذاكرا لله ؟
فإذا قالت بقعة منهن : ( نعم ) اغتبطتها البقاع .
وفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أسوة حسنة حين قال : (( إن هذه الشاة لتكلمني إن بها سما )) . وحين خوطب بالنبوة في غار حراء فأراد أن يرمي نفسه من أعلى الجبل فكلما هم أن يرمي نفسه من أعلى الجبل نادته الأحجار والأشجار : لا تفعل يا رسول الله .
Shafi 8