133

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Nau'ikan

قال الله - عز وجل - : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، وما اختلف فيه إلا الذين أتوه من بعدما جاءتهم البينات بغيا بينهم ، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) .

فوعد الله تعالى لهذه الأمة الهداية إلى الحق ، في كل أمر مختلف فيه لابد لبعضهم أن يهتدي إلى الحق.

وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( لن تجتمع أمتي على ضلال )) وقال أيضا : (( ما كان الله ليجمع أمتي على ضلال )) .

واعلم أن الأمم الماضية لم يطلق الله أيديهم في الشرائع بالرأي ، ليس لهم إلا المنصوص مشرعا ، فخص العرب بهذا اللسان ، وجعلهم أئمة لجميع العجم الذين دخلوا في الإسلام ، وفارقوا دين الآباء والأجداد .

وذلك أن الله تعالى من عليهم بلغتهم التي هي أفضل من سائر اللغات ، ومن فضيلة لغتهم أنها لغة أهل الجنة ، يتركون لغاتهم ويرجعون إليها ، وليس في السبعمائة ألف لغة التي خلقها الله - عز وجل - وخاطب بها موسى عليه السلام لغة أفضل منها .

وإن كان أول ما ابتدأ لموسى بالخطاب بلغة البربر حين ناجاه . فقال : يا موسى نج أد يكش مقرن . فقال : يا ربي لم أدر فمازال يخاطبه بلغة بعد لغة ، فكان آخر ما خاطبه به بالعبرانية فهم موسى وأجاب . وليس في اللغات لغة انفردت من سائر اللغات بالوشي الذي جعله الله تعالى زينا لها في الظاهر وكثرة المعاني في الباطن وحلوة على الألسن غيرها ، فاختار لها العرب واختارها للعرب مخصوصة في العرب ، خصهم الله تعالى بها .

وذلك أن الإنسان خلقه الله تعالى فجعله آية للسائلين ، وخلق الملائكة فركبها على طبع واحد ، لا يؤثر الزمان ولا المكان في طبائعهم ليس لهم شهوات إلا ما طبعوا عليه ، وركب فيهم العقول فكانت تمتثل الأفعال بمقتضى العقول ، وذلك وفق طبائعهم .

Shafi 59