فمن لم يفقه ويؤمن أن لله خزائن السموات والأرض فليس يعرفه ، ولا يطلب ويحب انفضاض بيضة الإسلام عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلا مشرك ، وقوله : ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله ) ( 1 ) نفوا العزة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأثبتوها لأنفسهم لهم المشركين ، ولئن أثبتوا العزة لله ولرسوله ونفوها عن أنفسهم لهم الصادقون ، فليختر المختار من هذين المذهبين ما شاء ، ثم قال الله - عز وجل - : ( ولكن المنافقين لا يعلمون ) فيا سبحان الله وهل العلم إلا في القلب ؟ وقد نفاه الله تعالى عنهم . أهؤلاء صفة الموحدين الذين اعتقدوا أن لله خزائن السموات والأرض ، وله العزة ولهم الذلة ؟ أو لهم العزة ولله الذلة ، تعالى الله ولا نعمت عين ، وحسبك القرآن كله على هذا النمط وحسبك منه ( آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) .. فهذا هو النص في عين الفص .
ثم قال ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكون من الصالحين ، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون ) وأنت تعلم ما في التولي .( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) فأوى عقوبة خلف الوعد باللسان والكذب به أن أعقبهم النفاق في القلوب إلى يوم يلقونه منافقين بالقلوب صادقين الأفعال .
وقوله : ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) .
فمعاذ الله أن يلمز رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من يعتقد أنه رسول الله ، ولن يفعل ذلك أحد إلا وهو مشرك .
وأما أمر الأحكام الجارية عليهم من حكم الإسلام ، فليس فيها دلالة على صدق ضمائرهم .
Shafi 46