112

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Nau'ikan

وإنما أنكرنا على المرجئة خصلتين : البدعة والإصرار ، فمن التزمهما صار من أهل النار ، ومن سلم منهما فهو في مشيئة الكريم الغفار ، ولن يليق بحكمة الباري سبحانه مسامحة من عاند وأبى ودان بخلاف دين الله العزيز الحكيم .

ومن أصر واستكبر وتمادى وعثى وبغى وطغى ، حتى أتى عليه المنون بالخبر اليقين والحق المبين وقد قال : ( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) . فأيأسهم من تبديل الوعيد .

فإن قال قائل : فلم أطلقتم عليهم اسم كافر حين أتوا شيئا من الكبائر ، وقد كانوا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأتون الكبائر ولا يسمون بهذا الاسم ، فما عبتم على الخوارج الذين يسمون أهل المعاصي باسم الشرك .

قلنا : لما كانت الكبائر على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مستخفى بها من منافق أو مؤمن فلتة ، أو عن عمد فتاب ، أو ذات حد فأقيم الحد عليه فصار مغفورا له ، فلما كان في هذا الزمان الذي ظهرت فيه المعاصي والكبائر وطاعة الجبابرة معلنين يتبجحون بها على رؤوس العالمين ، فطاعة الجبابرة عندهم لآثر من طاعة الرحمن ، ومعصية الرحمن أوهن عندهم من معصية الجبابرة ، ففاقت المعاصي المعهودة الخفية ، وأربت على المعاصي ذوات الحدود المغفورة ، سميناهم كفرة ، ولم تبلغ بهم تسمية الخوارج المارقة ، باستعمالهم السبي والغنيمة في إخوانهم الموحدين ، وأطلقنا عليهم اسم الكفر وأردفناه بالنفاق .

أما إخواننا القدرية ، فإنهم عموا عن الكفر وعمشوا عن النفاق وأطلقوا سم الفسوق وقضوا حاجة حين قضوا عليهم بجميع أحكام أهل النار ، ونفوهم من جميع أسماء الأخبار وأحكام المؤمنين الأبرار ، فاحتملنا جهلهم فيهم وغلطهم فيهم إذ نفوا عنهم اسم الكفر واسم النفاق ، وقضوا حاجة حين سموهم فساقا وأثبتوا لهم الخلود في النار ، وأصابوا إذ لم يرموهم بالشرك كالخوارج .

Shafi 38