103

Dalil Wa Burhan

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Nau'ikan

ولم تبلغ درجة اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن يقرن الله تعالى بالإيمان بهم ، فالإيمان به منزلة لم تبلغها أنبياؤهم : إبراهيم وموسى وعيسى ، بل هم أخس من ذلك .

ولو كان شيء من ذلك لكان إبليس اللعين أولى أن ينوه به ، لعظم ضرره على الدين وأولياء الله المخلصين وعداوته لأبيناء آدم عليهم السلام ، وقد ذكره الله - عز وجل - في القرآن ونوه به ونبه عليه فقال عز من قائل : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان أنه لكم عدو مبين ، وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم ، ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون ) .

وقال : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )

وقوله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) .

وقوله - عز وجل - : ( قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس ، من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس ، من الجنة والناس ) . وأمرنا بالتعوذ منه لعظم ضرره وشأنه ، وأسقطوا عن الناس معرفته مع ظهور الأمر بالتعوذ منه .

وذكر الشيخ أبو الربيع عن أبي عبد الله محمد بن بكر - رضي الله عنهما - ( أنه لا يسع جهل موت محمد عليه السلام لأن من جهل موته جهل أن الذي في يده من الشريعة ينسخ أولا ينسخ ومن قبيل ذلك أشرك من جهل موت النبي عليه السلام ) .

واعلم أن النسخ من بعض أوصاف الشريعة ليس على الناس من معرفته ولا الإيمان به ولا الإقرار به ، حتى تقوم عليهم الحجة بذلك ، وأحرى أن الذي يجوز عليه النسخ ليس مما يشرك به جاهله ، لأن التوحيد لا يجوز عليه النسخ ، وإنما يجوز في الفرائض التي دون التوحيد .

ولو شك في جميع الفرائض التي فرضها الله عليه أو جهلها ، لما أشرك .

ولو جهل أن الله تعالى افترضها عليه لما أشرك .

Shafi 29