مقدمة الشارح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل ذكره رياض الصالحين، ومناجاته غذاء أرواح الفالحين والخضوع بين يديه والتضرع إليه عزّ العارفين، والتخلق بالأخلاق المحمدية والأخلاق النبوية شأن العالمين العاملين. أحمده سبحانه على نعمه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلغ القاصد من فضله سؤله وأمله، وتنيله من بحر جوده ما قصده وأمله، ويعطيه بها من أنوار العرفان ما أشرق قلبه ونوره وكمله. وأشهد أن سيدنا ونبينا ووسيلتنا إلى ربنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وحبيبه، وخليله، المؤيد بأنواع المعجزات الباهرة، المكرم بالمكرمات الباطنة والظاهرة، الذي لا تحصى نعوته الشريفة ومناقبه، ولا تعدّ ولا تحصر آياته المنيفة ومواهبه.
فإن فضل رسول الله ليس له ... حدّ فيعرب عنه ناطق بفم
ﷺ، وزاده فضلًا وشرفًا لديه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ووارثيه العلماء العاملين وأحزابه، صلاة وسلامًا دائمين متلازمين دائبين بدوام ملك الله تعالى وأمداده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، كلما ذكره ذاكر، وغفل عن ذكره غافل، أداء لبعض حقوق سيد عباده. آمين.
وبعد: فهذا ما دعت إليه الحاجة من وضع تعليق لطيف، على نهج منيف، على كتاب «رياض الصالحين» تأليف شيخ الإسلام، علم الأئمة الأعلام، أوحد العلماء العاملين، والأولياء الصالحين، عين المحققين، وملاذ الفقهاء والمحدثين، وشيخ الحفاظ، وإمام أرباب الضبط المتقنين، شيخ الإسلام والمسلمين، الشيخ أبي زكريا يحيى محيي الدين بن شرف النووي الشافعي، تغمده الله برحمته، وأسكنه بحبوح جنته، وأعاد عليّ وعلى المسلمين من بركته، لما أنه قد جمع ما يحتاج إليه السالك في سائر الأحوال، واشتمل على ما ينبغي التخلق به من الأخلاق والتمسك به من الأقوال والأفعال. مغترفًا له من عباب الكتاب والسنة النبوية، ناقلًا لتلك الجواهر من تلك المعادن السنية. ولم أقف على كتابة عليه،
1 / 23