حتى عدها من الأيدي الجسيمة (قال كعب: فلما سلمت على رسول الله ﷺ قال) أي بعد رد السلام (وهو يبرق) بضم الراء: أي يلمع (وجهه) بالأنوار (من) تعليلية أي بسبب (السرور) بقبول الله تعالى توبتهم، ففيه ما كان عليه النبي ﵊ من الحبور عند ظفر أحد من أمته بنوع من الخيور حال من فاعل قال، ومقول القول (أبشر) بقطع الهمزة (بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك) أي سوى يوم إسلامه، وإنما لم يستثنه لأنه معلوم لا بد منه، وقيل: لا استثناء لأن يوم توبته مكمل ليوم إسلامه فهو خير من جميع أيامه وإن كان يوم إسلامه خيرها فيوم توبته المضاف إلى يوم إسلامه خير من يوم إسلامه المجرد عنها (فقلت أ) هذا المبشر به (من عندك يا رسول الله) أي: قلته اجتهادًا لأنك رأيت حصول مقصود الزجر بما وقع في هذه المدة (أم) هو وحي (من عند ا؟ قال: لا) أي: ليس من عندي (بل من عند الله ﷿ قال في «الإقناع» بدل قوله «قال لا» قال من عند الله وتلا عليهم الآيات (وكان رسول الله ﷺ إذا سرّ) من أمر (استنار وجهه) أي: زاد نورًا إلى نوره.
وفي «النهاية»: «كان إذا سر فكأن وجهه المرآة وكان الجدر يرى شخصها في وجهه لشدة نوره وصفائه (حتى كأن وجهه قطعة قمر) غاية لما قبله، آثر ذكر القمر لأنه يتمكن من النظر إليه ويؤنس من شاهده من غير أذى يتولد عنه بخلاف الشمس لأنها تغشى البصر وتؤذي. ثم تشبيه بعض صفاته بنحو القمر والشمس جرى على عادة الشعراء والعرب في ذلك أو على سبيل التقريب والتمثيل وإلا فلا شيء يعادل شيئًا من أوصافه.
قيل: شبه وجهه في هذا الحديث بقطعة من القمر لا بكله مع أن المعهود في التشبيه الثاني لأن القصد الإشارة إلى موضع الاستنارة وهو الجبين، وفيه يظهر السرور فناسب أن يشبه ببعض القمر قالت عائشة: «مسرورًا تبرق