Dalalat Shakl
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
Nau'ikan
ويعلم كل مزاول للفن أن العملية الفنية في عامة الأحوال ليست حالة أو فكرة مجردة يبلغ إليها في مرحلة منفصلة ثم يحاول الاهتداء إلى صوب فني يكسوها به في مرحلة ثانية، إنها ملتحمة بالوسيط منذ البداية، وكثيرا ما تكون العملية الفنية هي عملية تنمية لحن أو التوسع في تصميم بصري أو تعقب تركيبة لفظية ورؤية ما تسفر عنه.
تبدي المادة تمردا ومقاومة يعرفها كل فنان، ولا سيما المعماري والمثال، وكأنها تقف حائلا بينه وبين تحقيق الرؤية القابعة في خياله، «روي عن ميكلانجلو أنه كان يصنع تماثيله في سورة من العنف والغضب والهياج، حتى إنه كان يقول لسائليه عن سر هذا الهياج: إنني لأبغض تلك الحجارة التي تفصلني عن تمثالي!»
3
على أنه غضب طفولي أبتر، فالفنان يعرف بالسليقة أن لا نجاة من المادة إلا إليها، الفنان يعرف الوجد، ويعرف أنه لا يجيء إلا كاسيا، إلا متسربلا بالوسيط.
وليست علاقة الفنان بوسيطه الفني دائما علاقة صراع وتوتر، فالمادة ليست قيدا وتحديا على طول المدى، إنها إلهام أيضا وتيسير، فالوسائط المادية غنية بالقيم الترابطية والتعبيرية التي يمكن للفنان أن يستغلها، يروى عن المثال بيلي
R. A. Baillie
قوله: «إنك كلما مضيت قدما في النحت، أوحى إليك الحجر ذاته بتحسينات تدخلها على تخطيطك الأول.»
4
فكل وسيط مادي يمتلك من الخصائص الجمالية والإمكانات التعبيرية ما يلهم الفنان ويشير عليه ويقود انفعاله في مجرى معين ويحقق له ما كان يود أن يحققه، فقد يعثر الموسيقي في نغمة معينة أو في مزاوجة نغمية عفوية على مفتاح سحري إلى أفق موسيقي جديد لم يكن يحلم به، وقد تزور الشاعر لفظة معينة أو اقتران لفظي عابر فيرى فيه تجسدا لما كان يعتلج في صدره زمنا ولا يعرف ما هو، وقد يجد المثال في مادة البرونز المعدنية بقابليتها للصهر والتجويف وخفة وزنها إلهامات إلى طرائق معينة من التجريب والتعبير، بل إن التقنيات الحديثة قد تمد الفنان بوسائط تخليقية غير مبذولة في الطبيعة تمنحه إمكانات تشكيلية لا عهد له بها، فتفتح له طرقا غير مطروقة وتسكره بوعود تعبيرية جديدة، إن المادة تسعف الفنان وتأخذ بيده وتعلمه وترشده. (3) الشكل الدال: مصاعب وحلول
ولست أدري هل الشهامة هي ما منعهم أن يلمحوا «تحصيل حاصل»
Shafi da ba'a sani ba