Dala'il al-I'jaz
دلائل الإعجاز ت الأيوبي
Bincike
ياسين الأيوبي
Mai Buga Littafi
المكتبة العصرية
Lambar Fassara
الأولى
Inda aka buga
الدار النموذجية
Nau'ikan
ليس كلُّ ما تَرى من الملاحَةِ، لأَنْ جعَلَ لِلَّيلِ جلْبابًا، وحَجَر على الغراب، ولكنْ في أَنْ وضَعَ الكلامَ الذي تَرى؛ فجعَلَ "الليل" مبتدأً، وجعل "داجٍ" خبرًا له، وفعلًا لما بَعْدَه وهو الكنَفانُ، وأضافَ (الجَلْبابَ) إلى ضمير "الليل" ولأَنْ جَعلَ كذلك "البين" مبتدأً وأَجْرى "محجورًا" خبرًا عنه، وأنْ أَخرَجَ اللفظَ عَلَى مفعول. يُبيِّنُ ذلك، أَنَّكَ لو قلْتَ: (وغرابُ البينِ محجورٌ عليه أو: قد حُجرَ على غراب البين)، لم تَجِدْ له هذه المَلاحة. وكذلك لو قلت: (قد دَجا كَنَفَا جلبابِ الليل) لم يكن شيئًا.
ومن النادر فيه قول المتنبي [من الخفيف]:
غَصَبَ الدهرَ والملوكَ عليها ... فَبنَاها في وَجْنة الدهر خالا
قد تَرى في أَول الأمرِ أنَّ حُسْنه أَجْمَع، في أنْ جَعلَ للدهر وَجْنةً، وجعل البُنيَّة خالًا في الوجنة؛ وليسَ الأَمرُ على ذلك. فإنَّ مَوْضعَ الأُعجوبةِ في أنْ أَخْرج الكلام مخْرجَهُ الذي تَرى، وأَنْ أَتَى بالخال منصوبًا على الحال، من قوله "فَبنَاها". أفَلاَ ترى أَنك لو قُلْتَ: (وهي خالٌ في وَجْنة الدهر)، لوجدْتَ الصورة غيرَ ما تَرى؟
وشبيهٌ بذلك أنَّ ابنَ المعتز قال [من المجتث]:
يا مِسْكةَ العطَّارِ ... وخالَ وَجْهِ النهارِ
وكانت المَلاحَةُ في الإضافة بعد الإضافة، لا في استعارة لفظة "الخال". إذْ معلومٌ أَنه لو قال: (يا خالا في وجه النهار) أو: (يا مَنْ هو خالٌ في وجْه النهار)، لم يكن شيئًا. ومِنْ شأنِ هذا الضربِ أن يَدْخلَه الاستكراهُ. قال الصاحب: إياكَ والإضافاتِ المتداخلة، فإنَّ ذلك لا يَحْسُن! وذكَر أنه يُستعملُ في الهجاء كقول القائل [من الخفيف]:
يا عليُّ بنُ حمزةَ بنِ عمارَةْ ... أنتَ واللهِ ثلجةٌ في خِيارَهْ
ولا شُبْهَة في ثِقَل ذلك في الأَكثر؛ ولكنه إذا سَلِمَ من الاستكراه، لطُفَ ومْلحَ. ومما حَسُنَ فيه، قول ابن المعتز أيضًا [من الطويل]:
وظَلَّتْ تُديرُ الراحَ أَيْدي جآذرٍ ... عتاقِ دنانير الوجوهِ مِلاحِ
ومما جاء منه حَسَنًا جميلًا، قولُ الخالديِّ في صفة غلام له [من المنسرح]:
ويَعرِفُ الشِّعْرَ مثْلَ معرفتي ... وهْو عَلَى أنْ يَزيد مجتهدُ
1 / 132