117

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Bincike

ياسين الأيوبي

Mai Buga Littafi

المكتبة العصرية

Lambar Fassara

الأولى

Inda aka buga

الدار النموذجية

Nau'ikan

واعْلَمْ أنَّ هاهنا أسرارًا ودقائق، لا يمكن بَيانُها إلاَّ بَعْد أَن نُعِدَّ جملةً من القول في النظم، وفي تفسيره والمُراد منه، وأيِّ شيءٍ هو، وما محصولُه ومحصولُ الفضيلةِ فيه! فينبغي لنا أن نأْخُذَ في ذِكْرِه، وبَيان أَمره، وبيانِ المزية التي تُدَّعى له مِنْ أين تَأْتيه، وكيف تَعْرِضُ فيه، وما أَسبابُ ذلك وعِلَلُه، وما المُوجِبُ له؟ وقد عَلمْتَ إطباقَ العلماء على تعظيم شأن النظْم وتَفْخيم قَدْره، والتنويهِ بذكره، وإجماعَهم أنْ لا فضْلَ مع عَدَمِه، ولا قَدْر لكلام إذا هو لم يَستقمْ له، ولو بلغَ في غرابة معناه ما بَلغَ. وبَتَّهُمُ الحُكْمَ بأنه الذي لا تمام دونه، ولا قِوام إلاَّ به، وأَنه القطُبُ الذي عليه المَدارُ، والعَمودُ الذي به الاستقلالُ. وما كان المَوْضعَ من المزية، وبالغًا هذا المبلغ من الفضيلة، كان حَرىّ بأن توقَظَ له الهِمَمُ، وتُوكَلَ به النفوسُ، وتُحرَّكَ له الأفكارُ، وتُستخدَمَ فيه الخواطرُ؛ وكان العاقَلُ جديرًا أَن لا يَرْضى من نَفْسه، بأن يَجد فيه سبيلًا إلى مزيَّة عِلْم، وفَضْلِ استبانةٍ وتلخيصٍ حُجَّةٍ، وتحريرِ دليل، ثم يَعْرضُ عن ذلك صَفْحًا، ويَطْوي دونه كَشْحًا، وأن يَرْبأ بنفسه، وتَدْخلَ عليه الأَنفَةُ، من أن يكون في سبيل المُقلِّدِ الذي لا يَبُتُّ حكْمًا، ولا يَقْتُل الشيءَ عِلْمًا، ولا يجد ما يُبْرئُ من الشبهة، ويَشفي غليلَ الشاكِّ، وهو يستطيع أن يَرْتفعَ عن هذه المنزلة، ويُباينَ مَنْ بهذه الصفة؛ فإنَ ذلك دليلُ ضَعْفِ الرأي، وقِصَرِ الهِمَّةِ ممن يَختارُه ويَعْملُ عليه.
القول في نظم الكلام ومكان النحو منه

1 / 116