Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

Abdallahi ibn Ibrahim Ash-Shanqiti d. 1393 AH
90

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Mai Buga Littafi

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Inda aka buga

توزيع

Nau'ikan

مَحْجُوبِينَ عَنْ رَبِّهِمْ. وَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ أَيْ فِي الدُّنْيَا فَلَا يُنَافِي الرُّؤْيَةَ فِي الْآخِرَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا قَرِيبٌ فِي الْمَعْنَى مِنَ الْأَوَّلِ. الثَّالِثُ: وَهُوَ الْحَقُّ، أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْإِدْرَاكُ الْمُشْعِرُ بِالْإِحَاطَةِ بِالْكُنْهِ، أَمَّا مُطْلَقُ الرُّؤْيَةِ فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى نَفْيِهِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِهَذِهِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَحَاصِلٌ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّ الْإِدْرَاكَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِحَاطَةُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَأَيْتُ الشَّيْءَ وَمَا أَدْرَكْتُهُ، فَمَعْنَى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ لَا تُحِيطُ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُهُ الْخَلْقُ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ، فَانْتِفَاءُ الْإِدْرَاكِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ مُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُدْرِكُ كُنْهَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْوَجْهِ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: حِجَابُهُ النُّورُ أَوِ النَّارُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ. فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ إِمْكَانِ الْإِحَاطَةِ مُطْلَقًا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ رُؤْيَتَهُ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ جَائِزَةٌ عَقْلًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَجُوزُ أَنْ يُرَى عَقْلًا، وَيَدُلَّ لِجَوَازِهَا عَقْلًا قَوْلُ مُوسَى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [٧ \ ١٤٣]، لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ الْجَائِزَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَقْلًا. وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَوَاقِعَةٌ فِي الْآخِرَةِ مُمْتَنِعَةٌ فِي الدُّنْيَا وَمِنْ أَصْرَحِ الْأَدِلَّةِ

1 / 92