28

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Mai Buga Littafi

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Inda aka buga

توزيع

Nau'ikan

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الْآيَةَ [٢ ١٨٥] . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْحَقُّ، أَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الْآيَةَ [٢ ١٨٥] . الثَّانِي: أَنَّ مَعْنَى «يُطِيقُونَهُ» لَا يُطِيقُونَهُ بِتَقْدِيرِ لَا النَّافِيَةِ، وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْآيَةُ مُحْكَمَةً، وَيَكُونُ وُجُوبُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ الصَّوْمِ كَالْهَرِمِ وَالزَّمِنِ، وَاسْتُدِلَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقِرَاءَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ «يُطَّوَّقُونَهُ» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بِمَعْنَى يَتَكَلَّفُونَهُ مَعَ عَجْزِهِمْ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَجِبُ عَلَى الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ، مُسْتَدِلًّا بِفِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِقِتَالِ الْكُفَّارِ إِلَّا إِذَا قَاتَلُوهُمْ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قِتَالِ الْكُفَّارِ مُطْلَقًا قَاتَلُوا أَمْ لَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ [٢ ١٩٣] . وَقَوْلِهِ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [٩ ٥] . وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [٤٨ ٦] . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأُمُورٍ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَحْسَنُهَا وَأَقْرَبُهَا، أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: «الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ» تَهْيِيجُ الْمُسْلِمِينَ وَتَحْرِيضُهُمْ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ

1 / 30