Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

Abdallahi ibn Ibrahim Ash-Shanqiti d. 1393 AH
103

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Mai Buga Littafi

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Inda aka buga

توزيع

Nau'ikan

بِمَكَّةَ، وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ ﷺ كَانَ اسْتِغْفَارُ الْمُؤْمِنِينَ سَبَبًا لِرَفْعِ الْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ عَنِ الْكُفَّارِ الْمُسْتَعْجِلِينَ لِلْعَذَابِ بِقَوْلِهِمْ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ الْآيَةَ [٨] . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ أَسْنَدَ الِاسْتِغْفَارَ إِلَى مَجْمُوعِ أَهْلِ مَكَّةَ الصَّادِقِ بِخُصُوصِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَنَظِيرُ الْآيَةِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَعَقَرُوا النَّاقَةَ [٧ \ ٧٧]، وَمَعَ أَنَّ الْعَاقِرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ [٥٤ \ ٢٩]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا [٧١ \ ١٥ - ١٦]، أَيْ جَعَلَ الْقَمَرَ فِي مَجْمُوعِهِنَّ الصَّادِقِ بِخُصُوصِ السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا الْقَمَرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ فِي كُلِّ سَمَاءٍ قَمَرًا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ [٦ \ ١٣٠]، أَيْ مِنْ مَجْمُوعِكُمُ الصَّادِقِ بِخُصُوصِ الْإِنْسِ عَلَى الْأَصَحِّ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْجِنِّ رُسُلٌ. وَأَمَّا تَمْثِيلُ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِإِطْلَاقِ الْمَجْمُوعِ مُرَادًا بَعْضُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [٥٥ \ ٢٢]، زَاعِمِينَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «مِنْهُمَا» أَيْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا الصَّادِقِ بِخُصُوصِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ، لِأَنَّ الْعَذْبَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ لُؤْلُؤٌ وَلَا مَرْجَانٌ، فَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ. فَقَدْ صَرَّحَ تَعَالَى بِاسْتِخْرَاجِ اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ مِنَ الْبَحْرَيْنِ كِلَيْهِمَا حَيْثُ قَالَ: وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا [٣٥ \ ١٢] . فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ كُلٍّ، نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إِرَادَةِ الْعَذْبِ وَالْمِلْحِ مَعًا، وَقَوْلُهُ: حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا هِيَ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالْعَذَابُ الدُّنْيَوِيُّ يَدْفَعُهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِاسْتِغْفَارِ الْمُؤْمِنِينَ الْكَائِنِينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ [٨] . أَيْ بَعْدَ خُرُوجِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانَ اسْتِغْفَارُهُمْ سَبَبًا لِدَفْعِ الْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ، فَبَعْدَ خُرُوجِهِمْ عَذَّبَ اللَّهُ أَهْلَ مَكَّةَ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ ﷺ حَتَّى فَتَحَ مَكَّةَ، وَيَدُلُّ

1 / 105