الأخطل هذا، وإن خالف الخليل زاعمًا أن "كذبتك" صيغة خبرية، وأن "أم" بمعنى "بل"، ففي البيت على قول الخليل نوع من أنواع البديع المعنوي يسمى بالرجوع عند البلاغيين.
وقول الخنساء:
قذًى بعينيك أم بالعين عُوَّارُ ... أم أَقْفَرتْ إذ خَلَتْ من أهلها الدار
تعني: أقذًى بعينيك؟
وقول أُحيحة بن الجلاح الأنصاري:
وما تدري وإن ذمَّرت سقبًا ... لغيرك أم يكون لك الفَصِيلُ
يعني: ألغيرك؟
وقول امري القيس:
تَروحُ من الحيِّ أم تَبتكِرُ ... وماذا عليك بأن تَنْتظِر
يعني: أتروح؟
وعلى هذا القول فقرينة الاستفهام المحذوف علوُّ مقام إبراهيم عن ظن ربوبية غير اللَّه، وشهادة القرآن له بالبراءة من ذلك.
والآية على هذا القول تشبه قراءة ابن محيصن: "سواء عليهم أنذرتهم". ونظيرها على هذا القول قوله تعالى: ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤)﴾ [الأنبياء/ ٣٤] يعني: أفهم الخالدون؟، وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا﴾ [الشعراء/ ٢٢] على أحد القولين، وقوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ