Dadaism da Surrealism: Gabatarwa Mai Takaice
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
شكل 4-3: مان راي، «تذكار لدوناتا ألفونس فرانسوا دى ساد»، صورة فوتوغرافية، 1933.
ويعد الفنان الألماني هانز بيلمر أكثر من غيره من الفنانين مثالا نموذجيا لاهتمام السرياليين بالجنسانية المتحررة الهدامة. لفت بيلمر انتباه الجماعة عندما نشرت مجموعة مدهشة من الصور الفوتوغرافية عام 1934 المرتبطة بمانيكانه الأولى «الدمية» في المجلة الفنية الفاخرة «المينوتور»، فقد كانت أعمال بيلمر مبنية بكل وضوح على الخيالات المتمركزة حول الفتيات المراهقات أو الفتيات في مقتبل المراهقة، ولما كان متأثرا بشدة بالإنتاج الفني الذي رآه في برلين عام 1932 لأوبرا جاك أوفنباخ «حكايات هوفمان»، التي يلعب فيها إنسان آلي دورا محوريا؛ أقام بيلمر مانيكانين عامي 1933 و1935 على الترتيب. الأولى التي بلغ طولها أربع أقدام ونصف لم تعد موجودة بعد، لكن الصور العديدة التي التقطت لها تكشف عن تقاطع ما بين دمية طفل مساء استعمالها وشكل من أشكال الألعاب الجنسية التي يستخدمها الراشدون. ذراعاها مفقودان، وجذعها الجبسي نصف مكشوف، ورجل «طبيعية» من رجليها مصنوعة من الجبس، بينما الثانية ببساطة عبارة عن قطعة من دسار تنتهي بقدم عرجاء خشبية. في أعقاب بعض اللوحات الفنية التي رسمها جورجيو دي شيريكو، حول السرياليون المانيكان إلى شيء أقرب ما يكون إلى العبادة؛ عبادة تمتد بقدر ما إلى الإنسان الآلي، وترتبط بشكل عارض بعلاقات مثيرة بافتنان الدادائيين بالأشكال الميكانيكية المتحولة. لكن عمل بيلمر يدخل عالما نفسانيا أكثر اضطرابا بكثير؛ فقد تنصلت دميته الثانية من أي «هوية» فردية؛ حيث تألفت من العديد من الأجزاء المفصلية الكروية - وكثير منها مكرر عدة مرات - التي جمعها بيلمر معا لمشاهد فوتوغرافية. وتنم واحدة من تلك الصور الفوتوغرافية المثيرة للاضطراب بشدة عن مخلوق عصي على التفسير يقف قبالتنا، في بيئة غابية، والقسم الأعلى من جسده يتألف من زوجين آخرين من الأرجل؛ وفي الخلفية، ثمة رجل يتسلل وراء شجرة، متفاديا نظرتنا المتفحصة.
ومن غير المدهش أن أعمال بيلمر ولدت الكثير من ردود الأفعال النقدية المختلفة، بداية من الذين يرون أعماله كارهة للنساء بلا رجعة، وانتهاء بهؤلاء الذين فسروها - بالنظر إلى حقيقة أن الدمى كانت تنتج في برلين، تحديدا إبان الفترة التي بدأ فيها النازيون يعتلون السلطة في ألمانيا - كردود أفعال منحرفة تجاه أفكار «المعيارية» الجسدية والجنسية التي روجت لها الأيديولوجية النازية.
ومع ذلك، لا شك أن الانطباع السائد هو التقديس الأعمى القهري لجسد المرأة. وتنبع مضاعفة أعداد أعضاء كالنهود أو الأرجل، المتشابكة معا في علاقة جبرية فاحشة في نهاية المطاف - وهو ما كان بيلمر يعيه - من المفهوم الفرويدي الكلاسيكي عن الولع الشهواني (الفتيشية). في مقالة محورية صدرت عام 1927، استنادا إلى كتابات سابقة، ذهب فرويد إلى أن تركيز المصاب بالولع الشهواني على غرض ما أو عضو من أعضاء الجسد بدلا من الجسد كله، ينبع من «لحظة» محددة في الممر التكويني عبر عقدة أوديب. هذه هي اللحظة التي ينكر فيها الطفل بلا وعي فكرة أن أمه لا تملك قضيبا، والتي يدلل عليها «إخصاؤها» الظاهر؛ ولذا، فإن الولع الشهواني يعادل القضيب الأمومي المفقود، ويخفف رمزيا من التذكرة بالإخصاء التي تستدعيها رؤية الأعضاء الجنسية الأنثوية. وكلما تم التأكيد على موضع الولع الشهواني، عن طريق المضاعفة أو الإزاحة إلى أغراض أخرى مثيرة للولع الشهواني، تراجع الخطر وتقهقر. ومن اللافت أن عددا من لوحات بيلمر الرقيقة التي رسمها في الأربعينيات، تظهر فيه فتيات سارحات يستلقين على ظهورهن بينما تطل قضبان منتصبة من فروجهن. وتتعامل هذه اللوحات صراحة مع خيالات القضيب الأمومي، وكل ذلك بالطبع يوحي بأن فن بيلمر كان - على الرغم من خصوصيته الشديدة - قائما على دراية واسعة.
قسم كبير من الفن السريالي الشهواني يتسم بصفة فتيشية أساسا، ومثال نموذجي على ذلك التركيز على جذع المرأة وشعرها وعنقها في لوحة ماجريت «الاغتصاب». ولكن على الرغم من أنه نتج عن ذلك انتهاك الجسد أو نزع الصفة البشرية منه، كما يوحي ماجريت في عنوان لوحته، فلا شك أننا لا محالة نطرح بعض الأسئلة الأخلاقية المهمة. وإذا كان هذا القسم، وهذا الفصل عموما، قد بين لنا كيف استحدثت الدادائية والسريالية أيقنة جديدة للجسد لمعادلة الفكر الازدواجي، فإنه لا يمكننا أن ننكر أن هذه العملية كانت مستندة إلى وجهة نظر ذكورية. ولقد زعمت المعلقات بطريقة لها ما يبررها، أن أجساد النساء، ومن ثم الأنثوية، كثيرا ما تحتقر بفعل التجسيد والفتيشية اللذين يلحقان بالجسد الأنثوي تلبية لأغراض «التحرر» النفساني الجنسي، والسريالية تحديدا ليس لديها الكثير لتقدمه فيما يتعلق بمعادلة وجهة النظر الأنثوية. تبدو الدادائية ببساطة، من منطلق كونها أقل اهتماما بالمذهب الجنسي الشبقي، أقل استحقاقا للوم بشكل مباشر، ولكننا هنا شرعنا في التفكير، لا في الجنسانية ولا في المذهب الجنسي الشبقي بصفة عامة بالأساس، وإنما في وضع الجنسين؛ لقد بدأنا نفكر، بتعبير آخر، في «سياسات» التمثيلات الدادائية والسريالية.
الفصل الخامس
السياسات
لا يزال يتوجب علينا القيام بكل شيء، والاستعانة بكل سبيل جدير بالمحاولة؛ بغية هدم أفكار الأسرة والدولة والعقيدة.
إن هذا الإعلان المسرحي المؤثر المستقى من «البيان الثاني للسريالية» لأندريه بريتون يستدعي بقوة الطبيعة المتعنتة لسياسات الدادائية والسريالية. ولكن، إذا نحينا الجانب الخطابي جانبا، فإلى أي مدى كانت الطموحات السياسية المتطرفة لهاتين الحركتين واقعية؟ فيما يلي سألقي نظرة على المنظورات الحالية حول الدادائية والسريالية لبيان النقاط الأيديولوجية العمياء للحركتين. يتناول القسمان الأول والثاني مسألتي الجنس والعرق، وفي هذا الموضع سنستشعر بكل حرص المسافة التاريخية الفاصلة بين هاتين الحركتين. يستكشف الدادائيون دوما القضايا المتعلقة بالجنس بطرق ذات صلة بنا حتى الآن، بينما كان السرياليون متبصرين جدا إذ شرعوا في التشكيك في الفرضيات المركزية الأوروبية. وستفضي اعتبارات الجنس والعرق إلى النقاش، في القسم الأخير، المتعلق بالانتماءات السياسية الكلية للدادائية والسريالية. ماذا كانت التزاماتهما، في فترة شديدة الاضطراب في التاريخ السياسي لأوروبا، فيما يختص بالأيديولوجيات الفعلية والمؤسسات السياسية؟ هل كانتا «مشاركتين» فعلا؟ وهل انتهى الأمر، على الرغم من كل ما كانتا تمثلانه، بكونهما «حركتين فنيتين» فحسب؟
الجنس
Shafi da ba'a sani ba