Daci Sama
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
Nau'ikan
وقد كانت الجبال التي تحد الصحراء من الشمال مسكن قبائل من اللوبيين منذ عهد سحيق في القديم، وقد وصفنا هذا الجيل آنفا وبينا أنه ينتمي إلى سلالة مميزة بين سلالات الجنس الأبيض، وربما شاهدنا اليوم في قرى إنجلترة وأيرلندة فروعا من تلك القبائل على حسب الملامح الظاهرة، والنموذج العتيق الذي تبديه لنا تلك القبائل تؤكد لنا الآثار المصرية كما تجلوه الملامح البيضاء التي بقيت له إلى الآن ...
وكلام الدكتور سايس هذا في أوصاف الجنس الزنجي وتاريخه العريق قليل الخطأ كثير الصواب، أو هو من أصح ما كتب في هذا الموضوع، ويزاد عليه من كتب الأجناس الحديثة أو كتب علم الإنسان أوصاف أخرى يعد بعضها من قبيل التصحيح وبعضها من قبيل التكملة، نأتي عليها بإيجاز.
فاللون الأسود في الأجناس السوداء لا يتعمق إلى ما وراء البشرة الظاهرة ثم تتساوى ألوان الجسم الإنساني في جميع الأجناس، وإنما يأتي السواد من صبغة في الغشاء الذي يلي البشرة الظاهرة، ولا يسري على ما وراءه إلا عرضا في قليل من الأفراد.
وقد نفهم دلالة الضيق والسعة في تركيب الجمجمة إذا فهمنا أن جمجمة الجنس الأبيض بين الأوروبيين ليست أوسع الجماجم الإنسانية ولا أوسع من جماجم غيرها من الأمم التي لا تجاريهم في الحضارة، فإذا حسبنا قطر الدماغ من الأمام إلى الخلف مائة فنسبة العرض إليه في الزنجي سبعون وفي الأوروبي ثمانون وفي الساموي من أبناء الجزر المعروفة غرب المحيط الهادئ خمسة وثمانون.
والزنجي طويل الذراعين تصل ذراعه إلى الركبة في بعض الأحيان. وشعره الصوفي المعروف هو أوضح العلامات المميزة له بين جميع الأجناس.
أما مزاياه الثقافية فيجب أن نتذكر حين نقابل بين تخلفه وتقدم الأجناس الأخرى أنه قد بلغ من الثقافة كل ما يحتاج إليه، وأن العبرة بالمجهود العقلي الذي يتطلبه فهم أمر من الأمور لا بالطبقة الثقافية التي تحسب لذلك الأمر في سلم الثقافة العامة. فالمعادلات الرياضية العليا أرقى في سلم المعرفة من الجمع والطرح في الحساب، ولكن المعادلة الرياضية العليا لا تتطلب من ذهن المهندس المتعلم جهدا أكبر من جهد الرجل الزنجي حين يفهم أن خمسة في خمسة تساوي خمسة وعشرين. ولا سيما إذا كانت نهاية العدد عنده هي مجموع أصابع اليدين والرجلين؛ أي عشرين.
وقد عرف أن الزنجي في قبائل «الوي» التي تقيم عند «سيراليون» قد اخترع نوعا من الكتابة يوائم حاجاته ولا يرجع إلى أساليب الكتابة الأخرى التي عرفت في بلدان الحضارة.
أما حظه من الفنون فليس بالحظ القليل إذا نظرنا إلى حاجاته الطبيعية ودواعيه الضرورية إلى المعيشة الاجتماعية. ولعل «هافلوك إيليس» حين قال: «إنه قد سلك سبيله إلى الحضارة راقصا.» قد لخص ملكاته الفنية أجمل تلخيص.
فالرقص لا يكون بغير نغمات، والمرح المطبوع في الزنجي هو مبعث وحيه الذي ألهمه الرقص والغناء، فهو عظيم الولع بالأغاني سريع الأذن إلى التقاطها حين يسمعها مرة أو مرات قليلة، وينبغي أن نفرق بعض التفرقة بين ملكة الموسيقى وملكة الغناء والإيقاع؛ لأن الأصوات الموسيقية تبلغ من التراكب والتنوع مبلغا يبعدها من الإيقاع الذي يصاحب حركات الأجسام في الرقص الفطري أو الرقص الحديث.
والزنجي يحب الغناء الراقص ويبرع فيه، وقد عرف به حيث نزل من بلاد العالم في عصور التاريخ، ومن هذا رقص النوبة الذي علمنا - في سيرة النبي عليه السلام - أنه دعا السيدة عائشة رضي الله عنها إلى التفرج به والنظر إليه، وكان يعرف بالزفيف لسرعته وتوالي الحركة فيه.
Shafi da ba'a sani ba