الجغرافية هو العلم اللازم لمن يغار على دينه ويهمه انتشاره في بقاع الأرض ؛ ليعرف ما يمكن نشره فيها وما لا يمكن، كما يعرف القسس أن أواسط أفريقية مثلا وإن صعبت مسالكها كما هو مبين في هذا الفن لكن من السهل نشر المسيحية فيها؛ لأن أهلها متوحشون على غير دين، أو على دين الوثنية والأكثر تابع لحكومات أجنبية فيأتون أفريقيه ويتجولون وهم كأهلها في العلم بها وبطبائعها، قد لا يحتاجون إلى دليل ولا يمكن أن يغرر بهم أحد ، ولكن من أين يكون لنا هذا؟ ونحن لا نعرف بلاد المسلمين فضلا عن غيرها (2).
وترى كثيرا من أهل العلم لا يعرفون الحجاز، الذي فيه مكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشرف البقاع، وفيه قبلة أربعمائة مليون وهو مهبط الوحي ومبعث الرسالة وينبوع نور الإيمان وشعاع الحرية للعالمين،ومحل أداء ركن من أركان الدين الذي يشير إلى وجوب جمع كلمة المسلمين على أختلافهم، والتفافهم حول راية الإسلام المرفرفة عليهم، من حدود بكين إلى شاطئ الأطلسي ورأس الرجاء الصالح .
لا يعرفون هذا المكان المعظم بوجه علمي، اللهم إلا بتصور كما يتصورون أنياب الأغوال عند ذكر بيت امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهل بلغهم ما تحمله أفراد من الأوروبيين في اكتشاف جزيرة العرب؟ وما ارتكبوه من الحيل حتى أشرفوا على جميع أرجائها ووقفوا معهم على جبل عرفات
(1) الدليل (2) العلم والعلماء ، أول سفر في التعاليم الإسلامية .
وأتوا جميع المناسك ثم رجعوا باكتشافهم إلى أممهم مملوئي الوطاب .
Shafi 35