372

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Nau'ikan

أخلد) أي سكن واطمأن قلبه (إلى الأرض) أي إلى الدنيا «1»، والإخلاد هو الإقامة والدوام (واتبع هواه) أي هوى نفسه بالرضا بها وترك رضاء الله تعالى (فمثله) أي فصفة ذلك العالم (كمثل الكلب) أي كصفة الكلب، شبه به تحقيرا له وحطا لقدره (إن تحمل عليه) أي إن تطرده (يلهث) أي يطل لسانه من فمه (أو تتركه يلهث) أي وإن لم تطرده يطل «2» لسانه أيضا «3»، ومحل الجملة الشرطية نصب على الحال، ومعناه: كمثل الكلب ذليلا دائم الذل لاهثا في الحالين، قيل: «كل حيوان يلهث من تعب أو عطش ما سوى الكلب، فانه يلهث في كل حال من الراحة والشدة» «4»، يعني ذلك العالم يشبه به، لأنه ضال وعظته أو لم تعظه، وقيل: «المراد منه كفار مكة» «5»، لأنك إن قرأت عليهم آيات القرآن لم يقبلوها ويصروا على التكذيب والكفر وإن لم تقرأ عليهم لم يعلموا بما فيها فيبقون على الكفر أيضا (ذلك) أي مثل الكلب (مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا) أي صفة المكذبين بالقرآن (فاقصص القصص) أي اقرأ عليهم قصص بلعم بن باعورا وغيره، فانه مثل قصصهم (لعلهم يتفكرون) [176] أي لكي يتعظوا بأمثال القرآن «6» ويحذروا من مثل عاقبة من كان مثله ذلك إذا ساروا نحو سيرته فيتوبوا ويؤمنوا.

[سورة الأعراف (7): آية 177]

ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (177)

(ساء) أي بئس (مثلا القوم) أي مثل القوم (الذين كذبوا بآياتنا) فلم يؤمنوا بها وهو مثل الكلب الذي مثل به مثل بلعم الكافر المصر على كفره، ففي «ساء» ضمير مبهم فاعله يفسره المنصوب بعده، والقوم مخصوص بالذم بتقدير مثل القوم، فحذف «مثل» وأقيم «القوم» مقامه، و«الذين» في محل الرفع «7» صفة «القوم»، قوله (وأنفسهم كانوا يظلمون) [177] أي وخصوا أنفسهم بالظلم لم يتعداها إلى غيرها يشعر بالاختصاص تقديم المفعول به، كلام منقطع عما قبله، ويجوز أن يكون معطوفا على «كذبوا»، فيدخل في حيز الصلة بمعنى الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم بالعناد وترك الإيمان.

[سورة الأعراف (7): آية 178]

من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون (178)

(من يهد الله) أي من يهده ويوفقه لدينه (فهو المهتدي) باثبات الياء إجماعا، أي فهو الذي وجد الوصول إلى السعادة وأصاب الفلاح، أورد فيه المفرد حملا على لفظ «من» (ومن يضلل) عن دينه بخذلانه (فأولئك هم الخاسرون) [178] باستحقاق العذاب، أورد فيه الجمع حملا على معنى «من».

[سورة الأعراف (7): آية 179]

ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (179)

(ولقد ذرأنا) أي خلقنا (لجهنم كثيرا من الجن والإنس) وهم الذين كتبت عليهم الشقاوة في علمه تعالى بترك الإيمان بنبوة محمد عليه السلام والقرآن (لهم قلوب لا يفقهون) الحق (بها ولهم أعين لا يبصرون) طريق الهداية (بها ولهم آذان لا يسمعون) مواعظ القرآن (بها) أي لا يقبلونها سمعا وطاعة (أولئك كالأنعام) في عدم الفهم والنظر للاعتبار والتغافل عن الحق لا في الصورة، يعني الكفار في غفلة عن الأمر والنهي والوعد والوعيد، وهممهم الأكل والشرب والنوم كما هو شأن الأنعام (بل هم أضل) من الأنعام، لأنها إذا أحست خروجها عن الطريق عادت إليها، والكفار لا يرجعون إلى طريق الحق بعد ما عرفوا ضلالتهم عنه، ولأن الأنعام تعرف أصحابها وهم لا يعرفون ربهم، ولأنها تطلب ما ينفعها وتهرب مما يضرها (أولئك هم الغافلون) [179]

Shafi 93