226

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Nau'ikan

بالتثنية إليهما بقوله «بهما» وحقه أن يوحد، لأن قوله «إن يكن غنيا أو فقيرا» في معنى أن يكون أحد هذين (فلا تتبعوا الهوى) أي لا تشهدوا بهواكم، ولكن اشهدوا على ما علمتم وأشهدتم عليه (أن تعدلوا) أي كراهة أن تميلوا عن الحق للقرابة والمودة وغيرهما من العدول أو إرادة أن تعدلوا بين الناس بالحق من العدل (وإن تلووا) أي إن تحرفوا الشهادة عما هو الحق لتبطلوه، قرئ بواوين، أولاهما مضمومة، من لوى إذا حرف، وبواو قبلها لام مضمومة «1»، من ولى إذا قرب أو تسلط بالحكم، أي إن قربتم من إقامة الشهادة (أو تعرضوا) عن الشهادة فتكتموها، ويجوز أن يكون خطابا للحكام، أي إن تحرفوا الحكم الحق أو تعرضوا عن أحد الخصمين وتميلوا إلى الآخر في الحكم (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) [135] أي عالما بالتحريف في الشهادة والحكم، فيجازيكم به، قال عليه السلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقم شهادته على من كانت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجحد لحق هو عليه وليؤده ولا يلجئه إلى السلطان والخصومة» «2».

[سورة النساء (4): آية 136]

يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا (136)

ثم خاطب أهل الكتاب بالإيمان بمحمد واتباع شرائعه بقوله (يا أيها الذين آمنوا) بموسى وعيسى (آمنوا بالله ورسوله) أي بمحمد «3» عليه السلام (والكتاب) أي وبالقرآن «4» (الذي نزل على رسوله) بالتشديد «5» معلوما ومجهولا، لأنه نزله نجوما في عشرين سنة (والكتاب الذي أنزل من قبل) أي وبكل كتاب أنزل قبل القرآن، قرئ معلوما ومجهولا «6»، من الإنزال، لأن الكتب لم ينزل كالقرآن نجوما، فالمراد من الكتاب الجنس ليتناول التورية والإنجيل وغيرهما من الكتب السماوية، لأنهم «7» كانوا مؤمنين بالكتابين فحسب، فأمروا أن يؤمنوا بالجنس كله، ويجوز «8» أن يكون الخطاب للمسلمين فيكون معنى «آمنوا» اثبتوا على الإيمان، والمراد ب «رسوله» جنس الرسل «9»، ويجوز أن يكون الخطاب للمنافقين فمعنى «الذين آمنوا» صدقوا باللسان نفاقا، آمنوا بالقلب إخلاصا، ثم هدد الجميع بقوله (ومن يكفر بالله) أي بتوحيده (وملائكته) أي بأنهم عبيده (وكتبه) المنزلة من السماء (ورسله) المبعوثين إليهم (واليوم الآخر) أي بالبعث بعد الموت (فقد ضل ضلالا بعيدا) [136] عن الهدى، لا يرجى فلاحه.

[سورة النساء (4): الآيات 137 الى 138]

إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا (137) بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما (138)

ثم هدد الذين ترددوا في الإيمان وارتدوا عن الإسلام بعد وضوح الدليل بقوله (إن الذين آمنوا) بموسى والتورية (ثم كفروا) بعد موسى (ثم آمنوا) بعيسى والإنجيل (ثم كفروا) من «10» بعد عيسى (ثم ازدادوا كفرا) بمحمد عليه السلام والقرآن، قيل: يجوز أن يكون المراد منه المرتدين عن دين محمد عليه السلام كأبي عامر الراهب ومحارب وغيرهما، فانهم آمنوا بالنبي عليه السلام، ثم كفروا به ثم آمنوا ثم كفروا ثم ماتوا على

Shafi 245