224

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Nau'ikan

(والصلح خير) أي أفضل من الفرقة والنشوز والإعراض (وأحضرت الأنفس الشح) أي ألزمت البخل النفوس في الجبلة لا تفارقه «1» أبدا فهي حاضرته، والغرض من ذلك بيان أن العدل بين الأنفس أمر صعب على حد يوهم أنه غير مستطاع، إذ رعاية التسوية في القسمة والنفقة والنظر والإقبال والممالحة والمناكحة والموانسة وغيرها كالخارج عن حد الاقتدار، هذا إذا كن محبوبات كلهن، فكيف إذا مال القلب مع بعضهن، فالأمر بينهن الصلح والصبر والترك والاستراحة، ثم قال (وإن تحسنوا) العشرة مع نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة (وتتقوا) أي الفرقة والجور والأذى (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) [128] من الإحسان والنشوز، فيجازيكم به.

[سورة النساء (4): آية 129]

ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما (129)

ثم قال (ولن تستطيعوا) أي لن تقدروا (أن تعدلوا بين النساء) أي أن تسووا بينهن في ميل القلب وحبه والقسم والنفقة (ولو حرصتم) أي جهدتم بصرف كل الوسع على العدل بينهن بعد أن وجب عليكم التسوية في القسمة والنفقة وغير ذلك مما يستحققنه (فلا تميلوا كل الميل) إلى التي تحبونها في النفقة والقسمة، ولا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها ونفقتها من غير رضا منها (فتذروها كالمعلقة) نصب جواب النهي أو جزم بالعطف على «تميلوا»، المعنى: فتتركوها بغير قسمة لا أيما ولا ذات بعل كالمسجونة، قال عليه السلام: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحديهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» «2»، وروي «ساقط» «3»، قيل: كان عليه السلام يعدل بين نسائه في القسمة، ثم يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» «4»، يعني الحب والجماع، ثم قال تعالى (وإن تصلحوا) بينهن بالتسوية «5» والعدل وبالتوبة عما مضى من ميلكم عن التي كرهتموها والرجوع إليها (وتتقوا) الجور فيما يستقبل (فإن الله كان غفورا رحيما) [129] حيث تجاوز عن ذنوبكم ورخص لكم في الإصلاح.

[سورة النساء (4): آية 130]

وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما (130)

(وإن يتفرقا) أي الزوج والزوجة (يغن الله كلا) أي كل واحد منهما (من سعته) أي من رزقه بأن تتزوج «6» المرأة غيره، ويتزوج الزوج «7» غيرها (وكان الله واسعا) أي واسع الرزق: الفضل (حكيما) [130] يحكم بالتسوية والتفرقة لحكمة يعلمها.

[سورة النساء (4): آية 131]

ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا (131)

(ولله ما في السماوات وما في الأرض) أي حكمه نافذ على أهلهما يجب عليهم طاعته، فيجب على الزوج التسوية بين نسائه في القسم والنفقة، وعليه قضاء القسمة للمظلومة، والشرط في القسمة البيتوتة لا الجماع، لأنه مبني على النشاط وليس ذلك إليه، ثم قال تأكيدا لذلك (ولقد وصينا) أي أمرنا (الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) أي أهل التورية والإنجيل (وإياكم) يا أمة محمد في القرآن (أن اتقوا الله) فيما وصاكم به من التوحيد والعمل بالشرائع (وإن تكفروا) عطف على «اتقوا»، أي وقلنا لكم ولهم إن تجحدوا بما وصيناكم به (فإن لله ما

Shafi 243