195

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Nau'ikan

قوله (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) نزل توبيخا للكفار على ترك الإيمان والعمل بالسيئات «1»، أي كيف يصنع الكفار وقت مجيئنا من كل أمة من أمم الأنبياء بشهيد يشهد عليهم بعملهم، وهو نبيهم (وجئنا بك) يا محمد (على هؤلاء) أي على أمتك الذين كذبوك «2» (شهيدا) [41] تشهد بعلمهم القبيح، وقيل: معنى الآية أن الرسل يشهدون يوم القيامة على أممهم بتبليغ الرسالة إليهم من ربهم حين سألهم الله، هل بلغكم الرسل؟ فيقول الأمم: ما بلغونا رسالة ربنا، فيقول الرسل: قد بلغنا ولنا شهود، فيقول الله: ومن شهودكم؟ فقالوا: أمة محمد ، فأتى بأمة محمد فيشهدون أنهم قد بلغوا الرسالة إليهم، فيقول الأمم: إن فيهم سراقا وفساقا لا تقبل شهادتهم، فيجاء النبي عليه السلام على هؤلاء، يعني على أمته شهيدا يشهد بالتصديق لهم فيزكيهم «3» فيقول الكافرون:

والله ربنا ما كنا مشركين فيختم على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون «4»، فقال تعالى مخبرا عن حالهم (يومئذ) أي يوم يقوم الناس من قبورهم ويرون شدة الأمر عليهم (يود) أي يتمنى (الذين كفروا) بالله (وعصوا الرسول) أي لم يقروا برسالته (لو تسوى) أي أن يدفنوا فتسوى (بهم الأرض) كما تسوى بالموتى أو أنهم يؤدون أن يكونوا كالأرض سواء أو أن يصيروا ترابا إذا رأوا البهائم قد صارت ترابا بقوله كوني ترابا، المعنى: أنهم «5» يتمنون يوم القيامة أن يكونوا معدومين لهوله «6» (ولا يكتمون الله حديثا) [42] أي والحال أنهم لا يسترون من الله حديثا بالكذب في قولهم والله ربنا ما كنا مشركين أو نعت محمد عليه السلام لأنهم كتموه في الدنيا وندموا في الآخرة ولا ينفعهم الندم فيها.

[سورة النساء (4): آية 43]

يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا (43)

قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) بضم السين جمع سكران، والواو للحال، نزل حين منع عبد الرحمن بن عوف طعاما وجمع عليه جماعة من الصحابة، فأكلوا وشربوا الخمر قبل التحريم، فأخذه «7» منهم العقل فقدموا واحدا منهم إماما، قيل هو علي رضي الله عنه فصلى بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون «8» بحذف «لا» إلى آخره السورة «9»، فنهى الله تعالى عن الصلوة بحال السكر، وقيل:

معناه لا تقربوا مواضع الصلوة، وهي «10» المساجد بتلك الحالة «11»، والسكر اسم حالة تعرض بين الشخص وعقله (حتى تعلموا ما تقولون) أي حتى تصيروا بحال تعلمون ما تقولون فتعرفون الحرمة، قوله (ولا جنبا) عطف على قوله «وأنتم سكارى»، أي ولا تقربوا الصلوة في حال الجنابة قبل الاغتسال (إلا عابري سبيل) أي إلا متجاوزين في المسجد بحال السفر فتعتذرون بها فتصلون فيها بالتيمم، ومن فسر الصلوة بالمسجد قال:

معناه إلا متجاوزين فيه إذا كان الطريق فيه إلى الماء، وجوز بعضهم أن يكون «إلا» بمعنى الغير ويكون صفة ل «جنبا»، أي غير عابري سبيل، لأن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد ولا يجدون ممرا إلا في المسجد فرخص لهم، فالمعنى: أنكم لا تقربوها غير مغتسلين (حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى) أي مرضا يضره مس الماء كالجراحة والجدري يخاف من مس الماء التلف أو يزيد ألمه من مسه «12» (أو على سفر) طويلا كان أو

Shafi 214