141

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Nau'ikan

وهذا غاية الإنصاف وإنما ضم الأبناء والنساء إلى نفسه في دعاء المباهلة ليتبين الكاذب والصادق وهو يختص به وبمن يكاذبه، لأن ضمهم إلى نفسه آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له، فلما سمعوا الآية من «1» النبي عليه السلام، قالوا حتى ننظر في أمرنا ونأتيك غدا وتفرقوا على الموعدة «2»، ثم ندموا فأتوا النبي عليه السلام من الغد، وقد خرج عليه السلام آخذا بيد الحسن والحسين وخرج معه علي وفاطمة رضي الله عنهم «3» إلى الموضع الذي واعدهم، فطلب منهم المباهلة، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن جبلا عن مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا فأبوا المباهلة، فقال عليه السلام لهم: إما أن تبتهلوا وإما أن تسلموا وإما أن تقبلوا الجزية فقبلوا الجزية وصالحوه على مال يؤدونه إليه كل عام وانصرفوا إلى بلادهم، فقال عليه السلام: «لو أنهم ابتهلوا لهلكوا كلهم حتى العصافير في سقوف الحيطان» «4».

[سورة آل عمران (3): آية 62]

إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم (62)

ثم قال تعالى (إن هذا) أي إن خبر عيسى لهو القصص الحق) أي الخبر الصادق من أنه عبد الله ورسوله لا شك فيه، والأصل أن يدخل اللام على المبتدأ إلا أن يمنع مانع فيدخل على الخبر، وههنا قد دخل الفصل، لأنه إذا جاز دخوله على الخبر كان دخوله على الفصل أجوز، لأنه أقرب إلى المبتدأ (وما من إله إلا الله) أي لا شريك له في الألوهية (وإن الله لهو العزيز) في ملكه ينتقم عمن عصاه (الحكيم) [62] في أمره، أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد من خلق عيسى بلا أب، ومن خلق آدم من تراب، ومن خلق بنيه من أب وأم وغير ذلك.

[سورة آل عمران (3): آية 63]

فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين (63)

(فإن تولوا) أي إن أبوا عن الحق ولم يؤمنوا به (فإن الله عليم بالمفسدين) [63] وهو وعيد شديد لهم بقوله «زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون» «5».

[سورة آل عمران (3): آية 64]

قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (64)

قوله (قل يا أهل الكتاب) نزل حين قال اليهود: نحن على دين إبراهيم، فانه كان يهوديا، وقال النصارى:

نحن على دين إبراهيم وكان نصرانيا، فقال النبي عليه السلام: كلاهما بريء منه، لأنه كان حنيفا مسلما، ونحن على دينه «6»، فأمر الله نبيه بقوله قل لأهل الكتاب «7» من اليهود والنصارى (تعالوا إلى كلمة) أي إلى كلمة واحد مفيد عدل (سواء) أي يستوي (بيننا وبينكم) لا يختلف فيه الكتب السماوية ويرتفع الأهواء المختلفة باعتقاده على وجه الإنصاف، ثم بين الكلمة بقوله (ألا نعبد) أي لا نوحد (إلا الله ولا نشرك به شيئا) من خلقه (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) أي لا نقول: عزير ابن الله ولا المسيح بن الله، ولا نطيع أحبارنا فيما أحدثوه من التحريم والتحليل من غير رجوع إلى ما شرع الله (فإن تولوا) أو أعرضوا عن هذا التوحيد (فقولوا) أنتم لهم (اشهدوا) أي اعلموا (بأنا مسلمون) [64] أي مخلصون لله بالتوحيد والعبادة.

[سورة آل عمران (3): آية 65]

يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (65)

ثم قال الله تعالى (يا أهل الكتاب) من اليهود والنصارى (لم تحاجون) أي لم تخاصمون (في إبراهيم) أي في دينه زاعمين أنه في دينكم (وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده) وأنتم سميتم باليهودية والنصرانية بعد

Shafi 160