إجماعنا حجة الإجماع وهو له .... أقوى دليل على ما الكتب تنبيه فواقع هذا المنتقى من الأدلة الصريحة على أن مولانا هو من العلم وإليه، وذلك لأنه تولى ما تولى منه بلندن في فترة لا يدخل في الحسبان اشتغاله فيها بشيء غير ما دخلها لأجله، فهو إنما نزلها للإسشفاء والعلاج، لا لاكتشاف مكنون ذخيرتها والإنتاج، ولو لا أنه هو ما تصورت وقوع مقدمات الإنتاج، ولا صدقت بمسلمات دخوله متحفها وحصيلة الإفراج، وكيف يجوز أن ينصرف عن المستوصف وعلته حاصلة، ويتحرك بحركات الصحيح من العلل نحو المتحف بالسرعة الفائقة، ولكنها شنشنة أعرفها من أخزم، يفضل شفاء الروح على اندمال الجروح، صحبته فكان لا يفتح عينيه صباحا إلا إلى كتاب، ولا يغمضهما بعد هوي من الليل إلا عن كتاب، وكأن العلم من مقومات حياته، ومن مغذيات مشاعره وطاقاته، ومن ضرورياته لا من محسناته، يحمل نفسه في سبيله أقصى جهودها، ويمنعها إجمامها وروحها وهجودها، معاهد نشره للعلم هنا وهناك مفتوحة، في الحل والترحال، في البكور والآصال، في الليل إذا عسعس والنهار إذا تنفس، تلاميذه يعسر عدهم، ويجهد حصرهم، وهم ببركته يكتسبون النشاط من نشاطه، وترتاض أنفسهم للمواصلة تأسيا به، وانقيادا لإرشاده، وشاهد الحال يغني عن المقال، فها هو الآن قد احقوقف ظهره ، ووهى صوته، وكاد أن يكون رهين فراشه، وقعيد بساطه، تتوافد عليه الطلبة للأخذ عنه صباح مساء، يملي أحدهم؛ فإذا ما غلط أو وهن أو استفهم صحح مولانا الغلط، أو أزال الوهم، أو أفاد المستفهم، بالقرع أو الإشارة أو المنطق الهمسي، وقد مرن نفسه على عدم الإنقباض عن أي طالب في كل مكان وفي كل زمان، ومع كثرة تنقلاته ومصداقية قول القائل حيث يقول:
Shafi 17