============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات ألا ترى أن الحركة تدل على أن المتحرك بها محدث ولم يكن محدثا من أنه تحرك، أو من أجل أن الحركة تجوز عليه؛ لأنه قد صح أن للشيء محدثا، وإن لم تجر عليه الحركة، والذي له كان محدثا هو الذي كان بعد أن لم يكن: وعلى هذا الرسم يكون جواب كل ما يسأل عنه الملحدون من هذا الجنس؛ كقولهم: إن كان حيا فقد يجوز عليه الموث؛ لأنالم نجذ حيا لا يجوز عليه، وإن كان حيا فهو محتاج، وإن كان قادرا فقد يجوز أن يعجز.
فيقال لهم: إنه كان لا حي فيما بينا إلا وقد يجوز منه الموث، ولا شيء يجوز عليه الموث إلا وهو حي،/ فلم يكن حيا لذلك من قبل أن الذي يدل (1/1،4) على أنه حي غير الذي يدل على أنه يجوز أن يموت.
فإن قال قائل: فقد استعمليم في كلامكم أشياء لا تزالون بينكم وبينها على قوم من أهل ملتكم، وهو قولكم: إن ما كان قادرا لا يجوز منه كذا، وإنما كان محدثا؛ لأنه كان بعد أن لم يكن.
قيل له : بجواز هذا) فإنا نرجع إلى الدلائل التي تدل على الشيء، فكأنا نقول إن الذي دل على أنه محدث هو الذي دل على أنه كان بعد أن لم يكن(1).
والذي دل على أنه قادر هو الذي يدل على أن فعل كذا يجوز منه. ويرجع أيضا الى معاني القول التي هي غيرة، فنريد أن معنى هذا القول هو معنى هذا، فلو رجع خصومنا إلى مثل هذا ما أنكرناه عليه، ولكنهم لا يرجعون إلى ذلك، بل لا يرجعون إلى شيء؛ لأنهم يقولون: كان هذا الشيء قبيحا لأنه كسبه، ولم يكن قبيحا لأنه خلق، ثم لا يرجعون إلى شيء غير المعنى الواحد الذي هو عنذهم كسب خلق.
(1) في الأصل: يكون.
Shafi 615