Idanun Athari
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Mai Buga Littafi
دار القلم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤/١٩٩٣.
Inda aka buga
بيروت
قَوْلُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ: وَمَا فِي شَارِفِنَا مَا يُغَدِّيهِ، قِيلَ: بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْغَدَاءِ، وَقِيلَ: بِالْمُعْجَمَةِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَتَمُّ مِنَ الاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الْغَدَاءِ دُونَ الْعَشَاءِ. وَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ يُعْذِبُهُ وَمَعْنَاهُ مَا يُقْنِعُهُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَيَنْقَطِعُ عَنِ الرَّضَاعِ، يُقَالُ مِنْهُ: عَذَبْتُهُ وَأَعْذَبْتُهُ إِذَا قَطَعْتُهُ عَنِ الشُّرْبِ وَنَحْوِهِ، وَالْعَذُوبُ وَجَمْعُهُ عُذُوبٌ بِالضَّمِّ، وَلا يُعْرَفُ فَعُولٌ جُمِعَ عَلَى فُعُولٍ غَيْرَهُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ انْتَهَى كَلامُ السُّهَيْلِيِّ ﵀.
وَأَنْشَدَنِي أَبِي ﵀ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَهْجُو قَوْمًا بَاتَ ضَيْفَهُمْ:
بِتْنَا عُذُوبًا وَبَاتَ الْبَقُّ يَلْبَسُنَا ... نَشْوِي الْقَرَاحَ كَأَنْ لا حَيَّ بِالْوَادِي
وَذَكَرَ فِي فُعُولٍ غَيْرَ عُذُوبٍ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ (كِتَابٍ لَيْسَ) لابْنِ خَالوَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: أَدمتْ بِالرَّكْبِ حَبَسْتُهُمْ، وَكَأَنَّهُ مِنَ الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ الْوَاقِفُ. وَيُرْوَى أَذمتْ أَيْ الأَتَانُ أَيْ جَاءَتْ بِمَا تذمُّ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ ذَمَّةٌ أَيْ قَلِيلَةُ الْمَاءِ. وَقَوْلُهُ:
يَسُوطَانِهِ، يُقَالُ: سُطْتُ اللَّبَنَ أَوِ الدَّمَ أَوْ غَيْرَهُمَا أَسُوطُهُ إِذَا ضَرَبْتُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَالْمُسَوِّطُ عُودٌ يُضْرَبُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: مَغْمَز الشَّيْطَانِ، هُوَ الَّذِي يَغْمِزُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ كُلِّ مَوْلُودٍ إِلَّا عِيسَى ابْنَ مريم وأمه لقول أمها حنة: إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [١] وَلأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ مَنِيِّ الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا خُلِقَ مِنْ نَفْخَةِ رُوحِ الْقُدُسِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلا يَدُلُّ هَذَا عَلَى فَضْلِهِ ﵇ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، لأنه محمدا عند ما نُزِعَ ذَلِكَ مِنْهُ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا بَعْدَ أَنْ غَسَلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ ﵇ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأُفْرِغَ فِي قَلْبِهِ، وَأَنَّهُ غُسِلَ قَلْبُهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، فَوَهِمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَوَى ذَلِكَ ذاهبا في ذلك إلى أنها واقعة واحدة مُتَقَدِّمَةُ التَّارِيخِ عَلَى لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ بِكَثِيرٍ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ هَذَا التَّقْدِيسُ وَهَذَا التَّطْهِيرُ مَرَّتَيْنِ: الأُولَى فِي حَالِ الطُّفُولِيَّةِ، لِيُنَقِّيَ قَلْبَهُ مِنْ مَغْمَزِ الشَّيْطَانِ، وَالثَّانِيَةُ: عند ما أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى الْحَضْرَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَلِيُصَلِّيَ بِمَلائِكَةِ السَّمَوَاتِ، وَمَنْ شَأْنِ الصَّلاةِ الطَّهُورُ، فَقُدِّسَ
_________
[(١)] سورة آل عمران: الآية ٣٦.
1 / 44