Idanun Athari
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Mai Buga Littafi
دار القلم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤/١٩٩٣.
Inda aka buga
بيروت
الانْطِلاقَ قُلْتُ لِصَاحِبِي: وَاللَّهِ إِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَمْ آخُذْ رَضِيعًا، وَاللَّهِ لأَذْهَبَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلآخُذَنَّهُ، قَالَ: لا عَلَيْكِ أَنْ تَفْعَلِي، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فِيهِ بَرَكَةً، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ، فَلَمَّا أَخَذْتُهُ رَجَعْتُ بِهِ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَّا وَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ، وَشَرِبَ حَتَّى رُوِيَ وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتَّى رُوِيَ، ثُمَ نَامَا، وَمَا كُنَّا نَنَامُ مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ فَإِذَا أَنَّهَا الْحَافِلُ، فَحَلَبَ مِنْهَا مَا شَرِبَ وَشَرِبْتُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا رِيًّا وَشَبَعًا فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ، يَقُولُ صَاحِبِي حِينَ أَصْبَحْنَا: تَعْلَمِي وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ أَخَذْتِ نَسَمَةً مُبَارَكَةً، قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَرَكِبْتُ أَتَانِي وَحَمَلْتُهُ عليها معي، فو الله لَقَطَعْتُ بِالرَّكْبِ مَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حُمُرِهِمْ، حَتَّى أَنَّ صَوَاحِبِي لَيَقُلْنَ لِي: يَا بِنْتَ أَبِي ذُؤَيْبٍ وَيْحَكِ أَرْبِعِي [١] عَلَيْنَا، أَلَيْسَتْ هذا أَتَانُكِ الَّتِي كُنْتِ خَرَجْتِ عَلَيْهَا، فَأَقُولُ لَهُنَّ: بَلَى وَاللَّهِ إِنَّهَا لَهِيَ، فَيَقُلْنَ: وَاللَّهِ إِنَّ لَهَا لَشَأْنًا، قَالَتْ: ثُمَّ قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ بَنِي سَعْدٍ، وَلا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ أَجْدَبَ مِنْهَا، فَكَانَتْ غَنَمِي تَرُوحُ عَلَى حِينِ قَدِمْنَا بِهِ مَعَنَا شِبَاعًا لَبَنًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ، وَمَا يَحْلِبُ إِنْسَانٌ قَطْرَةَ لَبَنٍ، وَلا يَجِدُهَا فِي ضَرْعٍ حَتَّى كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ قَوْمِنَا يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ: وَيْلَكُمُ اسْرَحُوا حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةِ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا لَبَنًا، فَلَمْ يَزَلْ نَتَعَرَّفُ مِنَ اللَّهِ الزِّيَادَةَ وَالْخَيْرَ حَتَّى مَضَتْ سَنَتَاهُ وَفَصَلْتُهُ، وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لا يَشِبُّهُ الْغِلْمَانُ، فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كَانَ غُلامًا جَفْرًا [٢] فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا، لما ترى مِنْ بَرَكَتِهِ، فَكَلَّمْنَا أُمَّهُ وَقُلْتُ لَهَا: لَوْ تَرَكْتِ بُنَيَّ عِنْدِي حَتَّى يَغْلُظَ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ، فَلَمْ نَزَلْ بِهِ حَتَّى ردته معنا، فرجعنا به، فو الله إِنَّهُ بَعْدَ مَقْدَمِنَا بِهِ بِأَشْهُرٍ مَعَ أَخِيهِ لَفِي بُهْمٍ لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا، إِذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ فَقَالَ لِي وَلأَبِيهِ: ذَاكَ أَخِي الْقُرَشِيُّ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَخَذَهُ رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَهُمَا يَسُوطَانِهِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَحْوَهُ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا منتقعا لوجهه،
قال: فالتزمنه والتزمه أبوه، فقلنا: مالك يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بيض فأضجعاني فشقا
_________
[(١)] أي اشفقي أو ارفقي بنا.
[(٢)] أي قوي على الأكل واستغنى عن لبن أمه.
1 / 42