Idanun Athari
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Mai Buga Littafi
دار القلم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٤/١٩٩٣.
Inda aka buga
بيروت
جُمَحَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، أَوْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لا يُعَدُّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَأْمَنُهُ عَلى الْوُثُوبِ عَلَيْنَا بِمَنْ قَدِ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِنَا، فَاجْمَعُوا فِيهِ رَأْيًا، قَالَ: فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ:
احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ، وَاغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ أَشْبَاهَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ زُهَيْرٍ وَالنَّابِغَةِ وَمَنْ مَضَى مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْمَوْتِ حَتَّى يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ، قَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: لا وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَوْ حَبَسْتُمُوهُ كَمَا تَقُولُونَ لَيَخْرُجَنَّ أَمْرُهُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ الَّذِي أَغْلَقْتُمْ دُونَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلأَوْشَكُوا أَنْ يَثِبُوا عَلَيْكُمْ فَيَنْتَزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ ثُمَّ يُكَاثِرُوكُمْ بِهِ حَتَّى يَغْلِبُوكُمْ عَلَى أَمْرِكُمْ، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، فانظروا إلى غيره فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: نُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَنْفِيهِ مِنْ بِلادِنَا، فَإِذَا خَرَجَ عَنَّا فَوَاللَّهِ مَا نُبَالِي أَيْنَ ذَهَبَ وَلا حَيْثُ وَقَعَ إِذَا غَابَ عَنَّا، وَفَرَغْنَا مِنْهُ، فَأَصْلَحْنَا أَمْرَنَا وَأُلْفَتَنَا كَمَا كَانَتْ، قَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، أَلَمْ تَرَوْا حُسْنَ حَدِيثِهِ، وَحَلاوَةَ مَنْطِقِهِ، وَغَلَبَتَهُ عَلَى قُلُوبِ الرِّجَالِ بِمَا يَأْتِي بِهِ، وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مَا أَمِنْتُ أَنْ يَحِلَّ عَلَى حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فَيَغْلِبُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلِهِ وَحَدِيثِهِ حَتَّى يُبَايِعُوهُ، ثُمَّ يَسِيرُ بِهِمْ إليك حَتَّى يَطَأَكُم بِهِمْ، فَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فِيهِ رَأْيًا غَيْرَ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ لَرَأْيًا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ بَعْدُ، قَالُوا: وَمَا هُوَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابًّا جَلِدًا نَسِيبًا وَسِيطًا ثُمَّ نُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا ثُمَّ يَعْمِدُوا إِلَيْهِ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ فَنَسْتَرِيحُ مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي القبائل جميعا فلم يقدر بنو عوف عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ جَمِيعًا فَرَضَوْا مِنَّا بِالْعَقْلِ فَعَقَلْنَاهُ لَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: الْقَوْلُ مَا قَالَ هَذَا الرَّجُلُ، هَذَا الرَّأْيُ وَلا أَرَى غَيْرَهُ. فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ، فَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: لا تَبِتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى فِرَاشِكَ الَّذِي كُنْتَ تبيت عليه، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ عَتْمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ اجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ يَرْصُدُونَهُ حَتَّى يَنَامَ فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ،
فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَانَهُمْ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «نَمْ عَلَى فِرَاشِي وَتَسَجَّ بِبُرْدِي [١] هَذَا الْحَضْرَمِيِّ الأَخْضَرِ فَنَمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْلُصَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ»
وَكَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ ينام
[(١)] أي تغط به.
1 / 206