وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرفوا وجوده وتوحيده، و«قيل: معناه إلا ليخضعوا إليّ ويتذللوا، ومعنى العبادة في اللغة: التذلل والانقياد، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، متذلل لمشيئته لا يملك أحد لنفسه خروجًا عما خلق عليه.
وقيل: (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) إلا ليوحدوني، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء،
وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء، بيانه قوله ﷿: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [العنكبوت: ٦٥] (^١).
قال القرطبي-﵀: «أي: ليذلوا ويخضعوا لي» (^٢).
قال النووي (ت: ٦٧٦ هـ) ﵀-:
«وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور» (^٣).
وأهل العبودية الحقة موقنون بذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀-:
«إن الله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه ومحبته والإخلاص له» (^٤).
وقال الإمام ابن القيم ﵀-:
«وبنى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح، فالعبودية اسم جامع لهذه المراتب