- صفته (١):
كان عثمان جميلًا وكان ربعة - لا بالقصير ولا بالطويل -، حسن الوجه، رقيق البشرة كبير اللحية، أسمر اللون، كثير الشعر، ضخم الكراديس (٢)، بعيد ما بين المنكبين، له جُمَّة (٣) أسفل من أذنيه، جذل الساقين، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه. أقنى (بيِّن القنا)، بوجهه نكتات جدري، وكان يصفر لحيته ويشد أسنانه بالذهب (٤) .
وكان ﵁ أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته، وكان شديد الحياء، ومن كبار التجار.
أخبر سعيد بن العاص أن عائشة ﵂ وعثمان حدثاه: أن أبا بكر استأذن النبي ﷺ وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن له وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة: "اجمعي عليك ثيابك" فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. قالت عائشة: يا رسول اللَّه لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان! قال رسول اللَّه ﷺ: "إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يُبلغ إليّ حاجته" (٥) . ⦗٢١⦘ وقال الليث: قال جماعة من الناس: "ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة" (٦) .
لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر (٧)، ويلي وضوء الليل بنفسه. فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك، فقال: لا، الليل لهم يستريحون فيه. وكان ليَّن العريكة، كثير الإحسان والحلم. قال رسول اللَّه ﷺ: "أصدق أمتي حياءً عثمان" (٨) . وهو أحد الستة الذين توفي رسول اللَّه ﷺ وهو عنهم راضٍ، وقال عن نفسه قبل قتله: "واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط".
_________
(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٩١، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٧٤، السيوطي، تاريخ الخلفاء ص ١٢٠.
(٢) الكراديس: جمع كردوسة، كل عظمين التقيا في مفصل، وقيل رؤوس العظام.
(٣) جُمَّة: مجتمع شعر الرأس، إذا تدلَّى من الرأس إلى شحمة الأذن، القاموس المحيط، مادة: جمَّ] .
(٤) ابن كثير، البداية والنهاية ج ٧/ص ١٩٢.
(٥) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: ٢٧، وأحمد في (م ٦/ص ١٥٥) .
(٦) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: ٢٦، وأحمد في (م ٦/ص ١٥٥) .
(٧) الإصابة ج ٤/ص ٢٢٣.
(٨) رواه ابن ماجه في المقدمة، باب: ١١، وأحمد في (م ٣/ص ١٨٤) .
1 / 20